الفتوحات المكية

اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)


في أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ وأي حرف نكرة مثل حرف ما فإنه حرف يقع على كل شي‏ء فأبان لك أن المزاج لا يطلب صورة بعينها ولكن بعد حصولها تحتاج إلى هذا المزاج وترجع به فإنه بما فيه من القوي التي لا تدبره إلا بها فإنه بقواه لها كالآلات لصانع النجارة أو البناء مثلا إذا هيئت وأتقنت وفرغ منها تطلب بذاتها وحالها صانعا يعمل بها ما صنعت له وما تعين زيدا ولا عمرا ولا خالدا ولا واحدا بعينه فإذا جاء من جاء من أهل الصنعة مكنته الآلة من نفسها تمكينا ذاتيا لا تتصف بالاختيار فيه فجعل يعمل بها صنعته بصرف كل آلة لما هيئت له فمنها مكملة وهي المخلقة يعني التامة الخلقة ومنها غير مكملة وهي غير المخلقة فينقص العامل من العمل على قدر ما نقص من جودة الآلة ذلك ليعلم أن الكمال الذاتي لله سبحانه فبين لك الحق مرتبة جسدك وروحك لتنظر وتفتكر فتعتبر أن الله ما خلقك سدى وإن طال المدى‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

وأما القصد الذي هو النية شرط في صحة هذا النظر بخلاف قال تعالى فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً أي اقصدوا التراب الذي ما فيه ما يمنع من استعماله في هذه العبادة من نجاسة ولم يقل ذلك في طهارة الماء فإنه أحال على الماء المطلق لا المضاف فإن الماء المضاف مقيد بما أضيف إليه عند العرب فإذا قلت للعربي أعطني ما جاء إليك بالماء الذي هو غير مضاف ما يفهم العرب منه غير ذلك وما أرسل رسول ولا أنزل كتاب إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ‏

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنزل القرآن بلساني لسان عربي مبين‏

يقول تعالى إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ فلهذا لم يقل بالقصد في الماء لأنه سر الحياة فيعطي الحياة بذاته سواء قصد أم لم يقصد بخلاف التراب فإنه إن لم يقصد الصعيد الطيب فليس بنافع لأنه جسد كثيف لا يسرى فروحه القصد فإن القصد معنى روحاني فافتقر المتيمم للقصد الخاص في التراب أو الأرض بخلاف أيضا ولم يفتقر المتوضئ بالماء بخلاف فقال اغسلوا ولم يقل تيمموا ماء طيبا فإن قالوا إنما الأعمال بالنيات وهي القصد والوضوء عمل قلنا سلمنا ما تقول ونحن نقول به ولكن النية هنا متعلقه

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

وبعد أن تحققت هذا فاعلم إن الماء ماءان ماء ملطف مقطر في غاية الصفاء والتخليص وهو ماء الغيث فإنه ماء مستحيل من أبخرة كثيفة قد أزال التقطير ما كان تعلق به من الكثافة وذلك هو العلم الشرعي اللدني فإنه عن رياضة ومجاهدة وتخليص فطهر به ذاتك لمناجاة ربك والماء الآخر ماء لم يبلغ في للطافة هذا المبلغ وهو ماء العيون والأنهار فإنه ينبع من الأحجار ممتزجا بحسب البقعة التي ينبع بها ويجري عليها فيختلف طعمه فمنه عَذْبٌ فُراتٌ ومنه مِلْحٌ أُجاجٌ ومنه مر زعاق‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!