اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

الرحمة المركبة وكان الذي يعضدهم أولا غضب الله الذي ظهر من إغضاب المخالفين فلما انقضى مجلس المحاكمة وكان الحق قد أمر بمن أمر به إلى السجن وهو جهنم كما قال وجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً أي سجنا لأن المحصور مسجون ممنوع من التصرف بخلاف أهل الجنة فإن لهم التبوأ منها حيث يشاءون وليس كذلك أهل النار وهذا من الرفق الإلهي الخفي بعباده فلو أعطاهم التبوؤ من النار حيث يشاءون لكانوا لا يستقر بهم قرار طلبا للفرار من العذاب إذا أحسوا به رجاء أن يكون لهم في مكان آخر منها راحة وفي وقت العذاب ما فيها راحة فكان لا يبقى في جهنم نوع من العذاب إلا ذاقوه والعذاب المستصحب أهون من العذاب المجدد وكذا النعيم ولهذا يبدل الله جلودهم في النار إذا نضجت لِيَذُوقُوا الْعَذابَ فيمشي عليهم زمان يذوقون فيه العذاب مستصحبا إلى أن تنضج الجلود وحينئذ يتجدد عليهم بالتبديل عذاب جديد فلو كان لهم التبوؤ من جهنم حيث يشاءون لما استقروا حتى تنضج جلودهم بل كانوا يذوقون في كل موضع ينتقلون إليه عذابا جديدا إلى حصول الإنضاج فيكون ذلك الانتقال أشد في عذابهم فرحمهم الله من حيث لا يشعرون كما مكر بهم من حيث لا يشعرون فهذه س
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فاعلم أن هذه الرحمة المركبة تعم جميع الموجودات وأنها مركبة من رحمة عامة وهي التي وسعت كل شيء ومن رحمة خاصة وهي الرحمة التي تميز بها من اصطفاه الله واصطنعه لنفسه من رسول ونبي وولي وبهذه الرحمة المركبة جمع الله الكتب وأنزل كل كتاب سورا وآيات فمن آياته ما بقي كالقرآن وكل آية ظهرت بطريق الإعجاز ومن آياته ما لم يبق فبقي
