﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللّٰهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد:7] فمن كان عدوا لله فهو عدو للمؤمن و «قد ورد في الخبر ليس من أحد أصبر على أذى من اللّٰه لكونه قادرا على الأخذ و ما يأخذ و يمهل» باسمه الحليم و على الحقيقة فما صبر على أحد و إنما صبر على نفسه أعني على حكم اسم من أسمائه لأن الأذى إنما وقع بالنطق و ما أنطق من نطق بما يقع به الأذى إلا الذي ﴿أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت:21] و هو اللّٰه تعالى ﴿قٰالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنٰا قٰالُوا أَنْطَقَنَا اللّٰهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت:21] و الجلود عدل فإن اللّٰه قبل شهادتهم على من أقامها عليهم و قال المنطقون ﴿اِتَّخَذَ اللّٰهُ وَلَداً﴾ [البقرة:116] و أمثال ذلك و كذبوا اللّٰه و شتموه و سبوه مختارين ذلك مع علمنا بأنهم مجبورون في اختيارهم منطقون بما أراده لا بما رضيه إلا أن الدقيقة الخفية إن اللّٰه نطقهم أي أعطاهم قوة النطق التي بها نطقوا و بقي عين ما نطقوا به و ما قالت الجلود إلا أنها منطقة ما تعرضت بالاعتراف إلى ما نطقت به فإن ذلك إذا وقع بالاختيار دون الاضطرار و الكرة نسب إلى من وقع منه نسبة صحيحة ﴿إِنّٰا هَدَيْنٰاهُ السَّبِيلَ﴾ [الانسان:3] أي بينا له و خلقنا له الإرادة في محله و التعلق نسبة لا تتصف بالوجود فتكون مخلوقة لأحد فتعلقت بأمر ما متعين مما فيه أذى لله و رسوله و مما يسمى به شاكرا أو كفورا : فهو تعلق خاص مع كون الناطق غافلا عن استحضار هذه النسب كلها وردها إلى اللّٰه بحكم الأصل فإنه لو استحضرها ما نطق بها إذ لا ينطق بها إلا جاهل أو غافل ثم إنه من الحجة البالغة لله في هذا إنه ما وقع في الوجود من ممكن من الممكنات إلا ما سبق بوقوعه العلم الإلهي فلا بد من وقوعه و ما علم اللّٰه معلوما من المعلومات إلا بما هو عليه ذلك المعلوم في نفسه فإن العلم يتبع المعلوم ما يتبع الوجود الحادث يعني حدوث الوجود يتبع العلم و العلم يتبع المعلوم و هذا المعلوم الممكن في حال عدمه و شيئية ثبوته على هذا الحكم الذي ظهر به في وجوده فما أعطى العلم لله إلا المعلوم فيقول له الحق هذا منك لا مني لو لم يكن في عينك الثبوتية على ما علمتك به ما علمتك ﴿فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ فَلَوْ شٰاءَ﴾ [الأنعام:149]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية