عسى يأتيك ما تهوي *** من الأخبار في القسط
يدعى صاحبها أيضا بوجه عبد المانع قال اللّٰه تعالى ﴿وَ مٰا يُمْسِكْ فَلاٰ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر:2]
[إن الجود الإلهي مطلق]
اعلم أن حضرة المنع أنت فإن الجود الإلهي مطلق فالمنع عدم القبول لأنه لا يلائم المزاج فلا يقبله الطبع و لا تخلو عن قبول فقد قبلت من العطاء ما أعطاه استعدادك فإن تألمت بما حصل لك فما كان إلا قبولك و إن تنعمت فما كان إلا قبولك و من قبل المفيض المعطي لا ألم و لا نعيم بل وجود جود صرف خالص محض فإن قلت قد وصف نفسه بالإمساك و هو المنع لا غير قلنا لما وصف نفسه بالإمساك في تلك الحال هل بقيت بلا أعطية فإنه يقول لا بل كنت على أعطية من اللّٰه فإن الجود الإلهي يأبى ذلك فلهذا لم تقبل لما في المحل مما قبلت فإن قلت فقد منع ما تعلق به غرضي حين إمساكه عني كما يمسك المطر قلنا ما أمسك شيئا عن إرساله إلا و إمساكه عطاء من وجه لا يعرفه صاحب ذلك الغرض فقد أعطاه الغرض و أمسك عنه الغيث ليستسقيه فيقام في عبادة ذاتية من افتقار فأعطاه ما هو الأولى به و هذا عطاء الكرم فلا تنطر إلى جهلك و راقب علمه بالمصالح فيك فتعرف إن إمساكه عطاء فمن مسكه عطاء كيف تنظره مانعا و لا تنظره معطيا و ما تسمى بالمانع إلا لكونك جعلته مانعا حيث لم تنل منه غرضك فما منع إلا لمصلحة فإن قلت فالجاهل به قد منعه العلم به قلنا هنا غلط كبير فإن العلم بالله محال فلم يبق العلم به إلا الجهل به و هذا علم العلماء بالله و ما عدا هؤلاء من أصحاب النظر فكل واحد منهم بزعم أنه قد علم ربه و ما هو إلا علم ربه فما منهم من يقول إن اللّٰه منعني العلم به بل هو فارح مسرور بعقيدته و إنه عند نفسه عالم بربه و كذلك هو فذلك حظه من علمه بربه فما في الوجود من هو ممنوع العلم بالله لا الجاهل به و لا العالم كل قد علم صلاته و تسبيحه يعلم لمن يصلي و من يسبح فما
[إن اللّٰه وهب العلم لمن طلب الزيادة]
ثم من يقول إن اللّٰه ما وهبني العلم به إلا أنه يطلب الزيادة و لا يكون ذلك منعا فإن الحال لا يعطي إلا المزيد لكون استحالة ما لا يتناهى أن يدخل في الوجود و مريد العلم بالله لا يتناهى فهو في كل نفس يهب من العلم به ما يشعر به و ما لا يشعر به يقول إن اللّٰه أبقى على ذلك العلم به الذي كان عندي فلا يزال التكوين دائما لا ينقطع فهو لكل ما لم يحصل في الوجود مانع عند هذا الشخص حيث يرى الإمكان في تحصيله في الزمان الذي لم يحصل له و ما ذاك إلا لجهله بالأمر فإن الأمور لا تنظر من حيث إمكانها فقط بل تنظر من حيث إمكانها و من حيث اقتضاه علم المرجح فيها من التقدم و التأخر و ما في الوجود فراغ إذ لو كان ثم فراغ لصح المنع حقيقة فما ثم الا عطاء في عين منع و منع في عين عطاء
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية