«أوتر رسول اللّٰه ﷺ بواحدة و بثلاث و بالخمس و بالسبع و بالتسع و بإحدى عشرة» و كل فرد وتر بالغا ما بلغ و كل مشفع وترا أحد و كل موتر شفعا وتر و فرد و أحد و يسمى وترا لأنه طالب ثار من الأحد الذي شفع فرديته فإن الحكم للأحد في شفع الفرد ليس للفرد و لا للوتر فلما انفرد به الأحد طلب الفرد ثاره من الأحد بالوتر فإن الوتر في اللسان بلحنهم هو الدخل و هو طلب الثأر و هو «قوله ﷺ في الذي تفوته صلاة العصر في الجماعة كأنما وتر أهله و ماله» كان صلاة الجماعة في العصر طلبت ثارها من المصلي فذا مع تمكنه من الجماعة و إذا أوتر بواحدة سميت البتيراء لأن من شأن الوتر على حكم الأصل أن يتقدمه الشفع فإذا أوتر بواحدة لم يتقدمها شفع فكانت بتيرا على التصغير و الأبتر هو الذي لا عقب له و هذه البتيراء ما هي بتيرا لكونها لا عقب لها و إنما هي بتيرا لكونها ليست منتجة و لا نتجت فلها منزلة لم يلد و لم يولد فإذا تقدمها الشفع لم تكن بتيرا لأنها ما ظهرت إلا عن شفع و لهذا كان رسول اللّٰه ﷺ لا يسلم من شفعه إلا في وتر ذلك الشفع فيصله بالشفع ليعلم أنه منه هذا كله ليتميز من الأحد فإن الأحد لا يدخله اشتراك و لا يكون نتيجة عن شفع أصلا و إن كان عن شفع فليس بواحد و إنما هو ثلاثة أو خمسة فما فوق ذلك و تقول في سادس الخمسة إنه واحد لأنه ليس بسادس ستة فقد تميز عن الشفع بما هو منفصل و ليس إلا الأحد بخلاف الفرد و الوتر و «قال رسول اللّٰه ﷺ إن لله تعالى تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة فإن اللّٰه وتر يحب الوتر» فأوتر التسعين بالتسعة و استثنى الواحد من المائة و لم يقل مائة إلا وترا أو فردا لأن الاشتراك في الفردية و الوترية و ليس في الأحدية اشتراك و لو قالها هنا لعلم بذكر المائة و ذكر التسعة و التسعين أنه أراد الواحد فلو لا قرائن الأحوال ما كان يعرف أنه أراد الواحد للاشتراك الذي في الأفراد و الأوتار فأبان بالواحد بعين اسمه فقوة الأحد ليست لسواه واحدية الكثرة أبدا إنما هي فرد أو وتر لا يصح أن تكون واحدا و سواء كانت الكثرة شفعا أو وترا و إنما أحب اللّٰه الوتر لأنه طلب الثأر و اللّٰه يقول ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللّٰهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد:7] و الحق سبحانه قد نوزع في أحديته بالألوهية فلما نوزع في ألوهيته جاء بالوتر أي بطالب الثأر ليفنى المنازع و ينفرد الحق بالأحدية أحدية الذات لا أحدية الكثرة التي هي أحدية الأسماء فإن أحدية الأسماء شفع الواحد لأن اللّٰه كان من حيث ذاته و لا شيء معه فما شفع أحديته إلا أحدية الخلق فظهر الشفع
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية