الذي استوى عليه بالاسم الرحمن فإنه ما رحم إلا صبابة المحب و هي رقة الشوق إلى لقاء المحبوب و لا يلقاه إلا بصفته و صفته الوجود فأعطاه الوجود و لو كان عنده أكمل من ذلك ما بخل به عليه كما قال الإمام أبو حامد في هذا المقام و لو كان و ادخره لكان بخلا ينافي الجود و عجزا يناقض القدرة فأخبر تعالى أنه ﴿اَلْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج:14] أي الثابت المحبة في غيبه فإنه عزَّ وجلَّ يرانا فيرى محبوبه فله الابتهاج به و العالم كله إنسان واحد هو المحبوب و أشخاص العالم أعضاء ذلك الإنسان و ما وصف المحبوب بمحبة محبه و إنما جعله محبوبا لا غير ثم إن من رزقه أن يحبه كحبه إياه أعطاه الشهود و نعمه بشهوده في صور الأشياء فالمحبون له من العالم بمنزلة إنسان العين من العين فالإنسان و إن كان ذا أعضاء كثيرة فما يشهد و يرى منه إلا العينان خاصة فالعين بمنزلة المحبين من العالم فأعطى الشهود لمحبيه لما علم حبهم فيه و هو عنده علم ذوق ففعل مع محبيه فعله مع نفسه و ليس إلا الشهود في حال الوجود الذي هو محبوب للمحبوب فما خلق الجن و الإنس إلا ليعبدوه فما خلقهم من بين الخلق إلا لمحبته فإنه ما يعبده و يتذلل إليه إلا محب و ما عدا الإنسان فهو مسبح بحمده لأنه ما شهده فيحبه فما تجلى لأحد من خلقه في اسمه الجميل إلا للإنسان و في الإنسان في علمي فلذا ما فنى و هام في حبه بكليته إلا في ربه أو فيمن كان مجلى ربه فأعين العالم المحبون منه كان المحبوب ما كان فإن جميع المخلوقين منصات تجلى الحق فودادهم ثابت فهم الأوداء و هو الودود و الأمر مستور بين الحق و الخلق بالخلق و الحق و لهذا أتى مع الودود الاسم الغفور لأجل الستر فقيل قيس أحب ليلى فليلي عن المجلى و كذلك بشر أحب هندا و كثير أحب عزة و ابن الذريح أحب لبني و توبة أحب الإخيلية و جميل أحب بثينة و هؤلاء كلهم منصات تجلى الحق لهم عليها و إن جهلوا من أحبوه بالأسماء فإن الإنسان قد يرى شخصا فيحبه و لا يعرف من هو و لا يعرف اسمه و لا إلى من ينتسب و لا منزله و يعطيه الحب بذاته أن يبحث عن اسمه و منزله حتى يلازمه و يعرفه في حال غيبته باسمه و نسبه فيسأل عنه إذا فقد مشاهدته و هكذا حبنا اللّٰه تعالى نحبه في مجاليه و في هذا الاسم الخاص الذي هو ليلى و لبني أو من كان و لا نعرف أنه عين الحق فهنا نحب الاسم و لا نعرف أنه عين الحق فهنا نحب الاسم و لا نعرف العين و في المخلوق تعرف العين و تحب و قد لا يعرف الاسم أ يأبى الحب إلا التعريف به أي بالمحبوب فمنا من يعرفه في الدنيا و منا من لا يعرفه حتى يموت محبا في أمر ما فينقدح له عند كشف الغطاء أنه ما أحب إلا اللّٰه و حجبه اسم المخلوق كما عبد المخلوق هنا من عبده و ما عبد إلا اللّٰه من حيث لا يدري و يسمى معبوده بمناة و العزى و اللات فإذا مات و انكشف الغطاء علم أنه ما عبد إلا اللّٰه فالله يقول ﴿وَ قَضىٰ رَبُّكَ﴾ [الإسراء:23]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية