﴿لَمْ يَكَدْ يَرٰاهٰا﴾ [النور:40] و
[أن العظمة حال المعظم اسم فاعل لا حال المعظم اسم مفعول]
اعلم أن العظمة حال المعظم اسم فاعل لا حال المعظم اسم مفعول إلا أن يكون الشيء يعظم عنده ذاته فعند ذلك تكون العظمة حال المعظم لأن المعظم اسم فاعل ما عظمت عنده إلا نفسه فهو من كونه معظما نفسه كانت الحال صفته و ما عظم سوى نفسه فالعظمة حال نفسه و هذه الحالة توجب إلهية و الإجلال و الخوف فيمن قامت بنفسه قال بعضهم
كأنما الطير منهم فوق أرؤسهم *** لا خوف ظلم و لكن خوف إجلال
لما في قلوبهم من هيبته و عظمته و قال الآخر
أشتاقه فإذا بدا
و هذه الأسباب كلها موجبات لحصول العظمة في نفس هذا المعظم إلا أن عظمة الحق في القلوب لا توجبها إلا المعرفة في قلوب المؤمنين و هي من آثار الأسماء الإلهية فإن الأمر يعظم بقدر ما ينسب إلى هذه الذات المعظمة من نفوذ الاقتدار و كونها نفعل ما تريد و راد لحكمها و لا يقف شيء لأمرها فبالضرورة تعظم في قلب العارف بهذه الأمور و هي العظمة الأولى الحاصلة لمن حصلت عنده من الايمان و المرتبة الثانية من العظمة هي ما يعطيه التجلي في قلوب أهل الشهود و الوجود من غير إن يخطر لهم شيء من تأثير الأسماء و لا من الأحكام الإلهية بل بمجرد التجلي تحصل العظمة في نفس من يشاهده و هذه العظمة الذاتية و لا تحصل إلا لمن شاهده به لا بنفسه و هو الذي يكون الحق بصره و لا أعظم من الحق عند نفسه فلا أعظم من الحق عند من يشهده في تجليه ببصر الحق لا ببصره فإن بصر كل إنسان و كل مشاهد بحسب عقده و ما أعطاه دليله في اللّٰه و هذا الصنف من أهل العظمة خارج عما ارتبطت عليه أفئدة العارفين من العقائد فيرونه من غير تقييد فذلك هو الحق المشهود فلا يلحق عظمتهم عظمة معظم أصلا و ما أحسن ما جاء هذا الاسم حيث جاء في كلام اللّٰه ببنية فعيل فقال عظيم و هي بنية لها وجه إلى الفاعل و وجه إلى المفعول و لما كان الحق عظيما عند نفسه كان هو المعظم و المعظم فأتى بلفظ يجمع الوجهين كالعليم سواء و قد يرد هذا البناء و يراد به الوجه الواحد من الوجهين كالاسم الحليم هذا لسان الظاهر و علم الرسم و أما علم الحقيقة المعتمد عليه عند العارفين فكل فعيل في أسماء الحق و صفاته و نعوته كالحليم و العليم و الكريم فلا فرق بين هذه الأسماء و بين العظيم في دلالتها على الوجهين و ذلك لكونه هو الظاهر في مظاهر أعيان الممكنات فما حلم إلا عنه و لا تكرم إلا عليه أ لا ترى حكم إيجاد المرجح لا يكون إيجاده عند المتكلمين إلا بالقدرة أو القادرية عند بعضهم أو بكونه قادرا عند طائفة فهو القادر و لا يترجح الممكن إلا بالإرادة كما قلنا في القدرة على ذلك الترتيب و المساق فهو المريد فالمريد إذا أراد ترجيح الوجود على العدم في المخلوق إن لم يكن هو القادر على ذلك و إلا فعدم الإرادة أو وجودها على السواء فيحتاج المريد إلى القادر بلا شك و العين واحدة ما ثم عين زائدة مع اختلاف الحكم فلهذا قلنا في هذا البناء في حق الحق بطلب الوجهين و لا يقدر أحد من الطوائف من العلماء بالله على مثل هذا العلم الإلهي إلا العلماء الراسخون من أهل اللّٰه الذين هوية الحق علمهم كما هي سمعهم و بصرهم فاعلم ذلك ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
«حضرة الشكر»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية