الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النور: [الآية 40]

سورة النور
أَوْ كَظُلُمَٰتٍ فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ يَغْشَىٰهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِۦ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِۦ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَٰتٌۢ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُۥ لَمْ يَكَدْ يَرَىٰهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورًا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ ﴿40﴾

تفسير الجلالين:

«أو» الذين كفروا أعمالهم السيئة «كظلمات في بحر لجَّي» عميق «يغشاه موج من فوقه» أي الموج «موج من فوقه» أي الموج الثاني «سحاب» أي غيم، هذه «ظلمات بعضها فوق بعض» ظلمة البحر وظلمة الموج الأول، وظلمة الثاني وظلمة السحاب «إذا أخرج» الناظر «يده» في هذه الظلمات «لم يكد يراها» أي لم يقرب من رؤيتها «ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور» أي من لم يهده الله لم يهتد.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)


أمر اللّه العبد إذا دخل بيتا خاليا من كل أحد أن يسلم على نفسه في قوله تعالى : «فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ» فيكون العبد هنا مترجما عن الحق في سلامه ، لأنه قال : «تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً» فجعل الحق العبد رسولا من عنده إلى نفس العبد بهذه التحية المباركة لما فيها من زوائد الخير «طَيِّبَةً» لأنها طيبة الأعراف بسريانها من نفس الرحمن ، فأمرنا اللّه تعالى بالسلام علينا ، وهذا يدلك على أن الإنسان ينبغي أن يكون في صلاته أجنبيا عن نفسه بربه حتى يصح له أن يسلم عليه بكلام ربه في قوله : (السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين) فإنه قال : «تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً» فهو سلام اللّه على عبده وأنت ترجمانه إليك

[- إشارة -المئوف لا حرج عليه ]

-إشارة -المئوف لا حرج عليه ، والعالم كله مئوف لا حرج عليه لمن فتح اللّه عين بصيرته ، ولهذا قلنا : مآل العالم إلى الرحمة وإن سكنوا النار وكانوا من أهلها «لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ» وما ثمّ إلا هؤلاء ، فما ثمّ إلا مئوف ، فقد رفع اللّه الحرج بالعرج العاثر فيه ، فإنه ما ثمّ سواه ولا أنت ، والمريض المائل إليه ، لأنه ما ثمّ موجود يمال إليه إلا هو ، والأعمى عن غيره لا عنه ، لأنه لا يتمكن العمى عنه وما ثمّ إلا هو ، فالعالم كله أعمى أعرج مريض .

------------

(61) الفتوحات ج 1 / 429 - ج 2 / 126 -ح 4 / 435

تفسير ابن كثير:

وهذا المثال مثال لذوي الجهل المركب . فأما أصحاب الجهل البسيط ، وهم الطماطم الأغشام المقلدون لأئمة الكفر ، الصم البكم الذين لا يعقلون ، فمثلهم كما قال تعالى : ( أو كظلمات في بحر لجي ) : قال قتادة : وهو العميق . ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ) أي : لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام ، فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يدري أين يذهب ، ولا [ هو ] يعرف حال من يقوده ، بل كما يقال في المثل للجاهل : أين تذهب؟ قال : معهم . قيل : فإلى أين يذهبون؟ قال : لا أدري .

وقال العوفي ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ) يعني بذلك : الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر ، وهي كقوله : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) [ البقرة : 7 ] ، وكقوله : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) [ الجاثية : 23 ] .

وقال أبي بن كعب في قوله : ( ظلمات بعضها فوق بعض ) فهو يتقلب في خمسة من الظلم : كلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات ، إلى النار .

وقال الربيع بن أنس ، والسدي نحو ذلك أيضا .

وقوله : ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) أي : من لم يهده الله فهو هالك جاهل حائر بائر كافر ، كما قال تعالى : ( من يضلل الله فلا هادي له ) [ الأعراف : 186 ] وهذا [ في ] مقابلة ما قال في مثل المؤمنين : ( يهدي الله لنوره من يشاء ) فنسأل الله العظيم أن يجعل في قلوبنا نورا ، وعن أيماننا نورا ، وعن شمائلنا نورا ، وأن يعظم لنا نورا .


تفسير الطبري :

قوله {أو كظلمات في بحر لجي} ضرب تعالى مثلا آخر للكفار أي أعمالهم كسراب بقيعة أو كظلمات. قال الزجاج : إن شئت مثل بالسراب وإن شئت مثل بالظلمات فـ {أو}للإباحة حسبما تقدم من القول في {أو كصيب} [البقرة:19] . وقال الجرجاني : الآية الأولى في ذكر أعمال الكفار والثانية في ذكر كفرهم ونسق الكفر على أعمالهم لأن الكفر أيضا من أعمالهم وقد قال {يخرجهم من الظلمات إلى النور} [البقرة: 257] أي من الكفر إلى الإيمان وقال أبو علي {أو كظلمات} أو كذي ظلمات ودل على هذا المضاف قوله {إذا أخرج يده} فالكناية تعود إلى المضاف المحذوف. قال القشيري : فعند الزجاج التمثيل وقع لأعمال الكفار، وعند الجرجاني لكفر الكافر، وعند أبي علي للكافر. وقال ابن عباس في رواية : هذا مثل قلب الكافر. {في بحر لجي} قيل : هو منسوب اللجة، وهو الذي لا يدرك قعره. واللجة معظم الماء، والجمع لجج. والتج البحر إذا تلاطمت أمواجه؛ ومنه ما روي عن النبي أنه قال : (من ركب البحر إذا التج فقد برئت منه الذمة). والتج الأمر إذا عظم واختلط. وقوله {حسبته لجة} [النمل: 44] أي ما له عمق. ولججت السفينة أي خاضت اللجة بضم اللام . فأما اللجة بفتح اللام فأصوات الناس يقول : سمعت لجة الناس أي أصواتهم وصخبهم. قال أبو النجم : في لجة أمسك فلانا عن فل والتجت الأصوات أي اختلطت وعظمت. {يغشاه موج}أي يعلو ذلك البحر اللجي موج. {من فوقه موج}أي من فوق الموج موج، ومن فوق هذا الموج الثاني سحاب؛ فيجتمع خوف الموج وخوف الريح وخوف السحاب. وقيل : المعنى يغشاه موج من بعده موج؛ فيكون المعنى : الموج يتبع بعضه بعضا حتى كأن بعضه فوق بعض، وهو أخوف ما يكون إذا توالى موجه وتقارب ومن فوق هذا الموج سحاب. وهو أعظم للخوف من وجهين : أحدهما : أنه قد غطى النجوم التي يهتدي بها. الثاني : الريح التي تنشأ مع السحاب والمطر الذي ينزل منه. {ظلمات بعضها فوق بعض} قرأ ابن محيصن والبزي عن ابن كثير {سحاب ظلمات} بالإضافة والخفض. قنبل {سحاب} منونا {ظلمات} بالجر والتنوين. الباقون بالرفع والتنوين. قال المهدوي : من قرأ {من فوقه سحاب ظلمات} بالإضافة فلأن السحاب يرتفع وقت هذه الظلمات فأضيف إليها؛ كما يقال : سحاب رحمة إذا ارتفع في وقت المطر. ومن قرأ {سحاب ظلمات} جر {ظلمات} على التأكيد لـ{ظلمات} الأولى أو البدل منها. و{سحاب} ابتداء و{من فوقه} الخبر. ومن قرأ {سحاب ظلمات} فظلمات خبر ابتداء محذوف التقدير : هي ظلمات أو هذه ظلمات. قال ابن الأنباري{من فوقه موج} غير تام؛ لأن قول {من فوقه سحاب} صلة للموج، والوقف على قول {من فوقه سحاب} حسن ثم تبتدئ {ظلمات بعضها فوق بعض} على معنى هي ظلمات بعضها فوق بعض. وروي عن أهل مكة أنهم قرؤوا {ظلمات} على معنى أو كظلمات ظلمات بعضها فوق بعض فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على السحاب. ثم قيل : المراد بهذه الظلمات ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة الليل وظلمة البحر؛ فلا يبصر من كان في هذه الظلمات شيئا ولا كوكبا. وقيل : المراد بالظلمات الشدائد؛ أي شدائد بعضها فوق بعض. وقيل : أراد بالظلمات أعمال الكافر، وبالبحر اللجي قلبه، وبالموج فوق الموج ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة، وبالسحاب الرين والختم والطبع على قلبه. روي معناه عن ابن عباس وغيره؛ أي لا يبصر بقلبه نور الإيمان، كما أن صاحب الظلمات في البحر إذا أخرج يده لم يكد يراها. وقال أبيّ ابن كعب : الكافر يتقلب في خمس من الظلمات : كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات في النار وبئس المصير. قوله {إذا أخرج يده} يعني الناظر. {لم يكد يراها} أي من شدة الظلمات. قال الزجاج وأبو عبيدة : المعنى لم يرها ولم يكد؛ وهو معنى قول الحسن. ومعنى {لم يكد} لم يطمع أن يراها. وقال الفراء : كاد صلة، أي لم يرها؛ كما تقول : ما كدت أعرفه. وقال المبرد : يعني لم يرها إلا من بعد الجهد؛ كما تقول : ما كدت أراك من الظلمة، وقد رآه بعد يأس وشدة. وقيل : معناه قرب من الرؤية ولم ير كما يقال : كاد العروس يكون أميرا وكاد النعام يطير وكاد المنتعل يكون راكبا. النحاس : وأصح الأقوال في هذا أن المعنى لم يقارب رؤيتها، فإذا لم يقارب رؤيتها فلم يرها رؤية بعيدة ولا قريبة. {ومن لم يجعل الله له نورا} يهتدي به حين أظلمت عليه الأمور. وقال ابن عباس : أي من لم يجعل الله له دينا فما له من دين، ومن لم يجعل الله له نورا يمشي به يوم القيامة لم يهتد إلى الجنة؛ كقوله {ويجعل لكم نورا تمشون به} [الحديد: 28] . وقال الزجاج : ذلك في الدنيا والمعنى : من لم يهده الله لم يهتد. وقال مقاتل بن سليمان : نزلت في عتبة بن ربيعة، كان يلتمس الدين في الجاهلية، ولبس المسوح، ثم كفر في الإسلام. الماوردي : في شيبة بن ربيعة، وكان يترهب في الجاهلية ويلبس الصوف ويطلب الدين، فكفر في الإسلام. قلت : وكلاهما مات كافرا، فلا يبعد أن يكونا هما المراد بالآية وغيرهما. وقد قيل : نزلت في عبدالله بن جحش، وكان أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة ثم تنصر بعد إسلامه. وذكر الثعلبي : وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله تعالى خلقني من نور وخلق أبا بكر من نوري وخلق عمر وعائشة من نور أبي بكر وخلق المؤمنين من أمتي من نور عمر وخلق المؤمنات من أمتي من نور عائشة فمن لم يحبني ويحب أبا بكر وعمر وعائشة فما له من نور). فنزلت {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}.

التفسير الميسّر:

أو تكون أعمالهم مثل ظلمات في بحر عميق يعلوه موج، من فوق الموج موج آخر، ومِن فوقه سحاب كثيف، ظلمات شديدة بعضها فوق بعض، إذا أخرج الناظر يده لم يقارب رؤيتها من شدة الظلمات، فالكفار تراكمت عليهم ظلمات الشرك والضلال وفساد الأعمال. ومن لم يجعل الله له نورًا من كتابه وسنة نبيه يهتدي به فما له مِن هاد.

تفسير السعدي

والمثل الثاني، لبطلان أعمال الكفار { كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ } بعيد قعره، طويل مداه { يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ } ظلمة البحر اللجي، ثم فوقه ظلمة الأمواج المتراكمة، ثم فوق ذلك، ظلمة السحب المدلهمة، ثم فوق ذلك ظلمة الليل البهيم، فاشتدت الظلمة جدا، بحيث أن الكائن في تلك الحال { إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } مع قربها إليه، فكيف بغيرها، كذلك الكفار، تراكمت على قلوبهم الظلمات، ظلمة الطبيعة، التي لا خير فيها، وفوقها ظلمة الكفر، وفوق ذلك، ظلمة الجهل، وفوق ذلك، ظلمة الأعمال الصادرة عما ذكر، فبقوا في الظلمة متحيرين، وفي غمرتهم يعمهون، وعن الصراط المستقيم مدبرين، وفي طرق الغي والضلال يترددون، وهذا لأن الله تعالى خذلهم، فلم يعطهم من نوره، { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } لأن نفسه ظالمة جاهلة، فليس فيها من الخير والنور، إلا ما أعطاها مولاها، ومنحها ربها. يحتمل أن هذين المثالين، لأعمال جميع الكفار، كل منهما، منطبق عليها، وعددهما لتعدد الأوصاف، ويحتمل أن كل مثال، لطائفة وفرقة. فالأول، للمتبوعين، والثاني، للتابعين، والله أعلم.


تفسير البغوي

(أو كظلمات ) وهذا مثل آخر ضربه الله لأعمال الكفار ، يقول : مثل أعمالهم من فسادها وجهالتهم فيها كظلمات ، ( في بحر لجي ) وهو العميق الكثير الماء ، ولجة البحر : معظمه ، ( يغشاه ) يعلوه ، ( موج من فوقه موج ) متراكم ، ( من فوقه سحاب ) ، ، قرأ ابن كثير برواية القواس : " سحاب " بالرفع والتنوين ، ( ظلمات ) بالجر على البدل من قوله " أو كظلمات " . وروى أبو الحسن البري عنه : " سحاب ظلمات " بالإضافة ، وقرأ الآخرون " سحاب ظلمات " ، كلاهما بالرفع والتنوين ، فيكون تمام الكلام عند قوله " سحاب " ثم ابتدأ فقال : ( ظلمات بعضها فوق بعض ) ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة البحر بعضها فوق بعض ، أي : ظلمة الموج على ظلمة البحر ، وظلمة الموج فوق الموج ، وظلمة السحاب على ظلمة الموج ، وأراد بالظلمات أعمال الكافر وبالبحر اللجي قلبه ، وبالموج ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة ، وبالسحاب الختم والطبع على قلبه . قال أبي بن كعب : في هذه الآية الكافر يتقلب في خمسة من الظلم : فكلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة إلى النار .

( إذا أخرج ) يعني الناظر ، ( يده لم يكد يراها ) يعني لم يقرب من أن يراها من شدة الظلمة . وقال الفراء : " يكد " صلة ، أي : لم يرها ، قال المبرد : يعني لم يرها إلا بعد الجهد ، كما يقول القائل : ما كدت أراك من الظلمة وقد رآه ، ولكن بعد يأس وشدة . وقيل : معناه قرب من رؤيتها ولم يرها ، كما يقال : كاد النعام يطير . ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) قال ابن عباس : من لم يجعل الله له دينا وإيمانا فلا دين له . وقيل : من لم يهده الله فلا إيمان له ولا يهديه أحد . وقال مقاتل : نزلت هذه الآية في عتبة بن ربيعة بن أمية كان يلتمس الدين في الجاهلية ويلبس المسوح فلما جاء الإسلام كفر . والأكثرون على أنه عام في جميع الكفار .


الإعراب:

(أَوْ) عاطفة (كَظُلُماتٍ) معطوف على كسراب (فِي بَحْرٍ) متعلقان بمحذوف صفة لظلمات (لُجِّيٍّ) صفة بحر (يَغْشاهُ) مضارع ومفعوله المقدم (مَوْجٌ) فاعل مؤخر والجملة صفة ثانية لبحر (مِنْ فَوْقِهِ) متعلقان بخبر مقدم محذوف والهاء مضاف إليه (مَوْجٌ) مبتدأ مؤخر والجملة صفة لموج (مِنْ فَوْقِهِ) متعلقان بخبر مقدم (سَحابٌ) مبتدأ مؤخر والجملة صفة موج الثانية (ظُلُماتٌ) خبر لمبتدأ محذوف والجملة تفسيرية (بَعْضُها) مبتدأ والهاء مضاف إليه (فَوْقَ) ظرف مكان متعلق بالخبر المحذوف (بَعْضٍ) مضاف إليه والجملة صفة لظلمات (إِذا) ظرف يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه (أَخْرَجَ) ماض فاعله مستتر (يَدَهُ) مفعول به والهاء مضاف اليه والجملة في محل جر مضاف إليه (لَمْ يَكَدْ) لم جازمة ومضارع ناقص مجزوم بلم واسمه محذوف (يَراها) مضارع فاعله مستتر والهاء مفعول به والجملة خبر يكد (وَمَنْ) الواو استئنافية من شرطية جازمة مبتدأ وجملته مستأنفة (لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ) لم جازمة ومضارع وفاعل (لَهُ) متعلقان بيجعل (نُوراً) مفعول به (فَما) الفاء رابطة للجواب ما نافية والجملة في محل جزم جواب الشرط (لَهُ) متعلقان بالخبر المحذوف المقدم (مِنْ نُورٍ) من زائدة نور مبتدأ مجرور لفظا مرفوع محلا وجملتا الشرط والجواب خبر من.

---

Traslation and Transliteration:

Aw kathulumatin fee bahrin lujjiyyin yaghshahu mawjun min fawqihi mawjun min fawqihi sahabun thulumatun baAAduha fawqa baAAdin itha akhraja yadahu lam yakad yaraha waman lam yajAAali Allahu lahu nooran fama lahu min noorin

بيانات السورة

اسم السورة سورة النور (An-Nur - The Light)
ترتيبها 24
عدد آياتها 64
عدد كلماتها 1317
عدد حروفها 5596
معنى اسمها النُّورُ: الضَّوْءُ الْمَعْرُوفُ، وَالمُرَادُ (بِالنُّورِ): نُورُ هِدَايَةِ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ
سبب تسميتها عِظَمُ ضَرْبِ الْمَثَلِ بِنُورِ هِدَايَةِ اللهِ لِلْخَلْقِ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿۞ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ ...٣٥﴾
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسْمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (النُّورِ)
مقاصدها إِظْهَارُ هِدَايَةِ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ فِي شُؤُونِ الْمَرْأَةِ وَالأُسْرَةِ وَالمُجْتَمَعِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ بَرَاءَةَ، وعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ». (أَثَرٌ صَحِيحٌ، سُنَنَ سَعِيدِ بِن مَنصُوْر)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النُّورِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ العُقُوبَاتِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ عَدَمِ إِقَامَتِهَا، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ ...٢﴾، وَقَالَ فِي آخِرِهَا: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ ...٦٣﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النُّورِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (المُؤْمِنُونَ): لَمَّا خُتَمَتِ (المُؤْمِنُونَ) بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فِي قَولِهِ: ﴿وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ ١١٨﴾ افْتُتِحَتِ (النُّورُ) بِالدِّلَالَةِ عَلَيهِمَا بِفَرْضِ العُقُوبَاتِ لِتَطْهِيرِ أَهْلِ المَعَاصِي، فَقَالَ ﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ ...٢﴾... الآيَاتِ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!