سواء نسبتهما إلى الشرع أو إلى الغرض أو الملاءمة فمن القبض ما يكون عن وهب و منه ما يكون عن جود و كرم و عن سخاء و عن إيثار و ليس إلا قبض الشر يكون و هو عن إيثار لجناب الحق حيث أضفته إلى نفسك و لم تضفه إلى اللّٰه أدبا مع اللّٰه حيث لم ينسبه إلى نفسه «فإن رسول اللّٰه ﷺ المترجم عن اللّٰه تعالى يقول و الشر ليس إليك» و قال ﴿وَ مٰا أَصٰابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:79] فكل ما يسوءك فهو شر في حقك فلو لم يطلق عليه اسم شر لم تضفه إليك و لا أضافه الحق إليك أ لا تراه إذا نظرته فعلا من غير حكم عليه كيف يقول ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ﴾ [النساء:78] ظهر فقف مع الحكم الإلهي في الأشياء و على الأشياء تكن أديبا معصوما فإنه لا يحفظ اللّٰه هذا المقام إلا على من عصم اللّٰه و اعتنى به و من هذه الحضرة تقرض اللّٰه ما طلب منك من القرض و تعلم أنه ما طلبه منك إلا ليعود به و بأضعافه عليك من جهة من تعطيه إياه من المخلوقين فمن أقرض أحدا من خلق اللّٰه فإنما أقرض اللّٰه و ليس الحسن في القرض إلا أن ترى يد اللّٰه هي القابضة لذلك القرض لا غير فتعلم عند ذلك في يد من جعلت ذلك و هو الحفيظ الكريم و أما قبضه ما يقبضه للدلالة عليه كقبض الظل إليه ليعرفك بك و بنفسه لأنه ما خرج الظل إلا منك و لو لا أنت لم يكن ظل و لو لا الشمس أو النور لم يكن ظل و كلما كثف الشخص تحققت أعيان الظلال فالأمر بينك و بينه كما قررنا في الوجود بين الاقتدار الإلهي و بين القبول من الممكن مهما ارتفع واحد منهما ارتفع الوجود الحادث كذلك إذا ارتفع العين المشرق و الجسم الكثيف الحائل عن نفوذ هذا الإشراق فيه حدث الظل فالظل من أثر نور و ظلمة و لهذا لا يثبت الظل عند مشاهدة النور كما لا تثبت الظلمة لأنه ابنها فإن للظلمة ولادة على الظل بنكاح النور فما قابل النور من الجسم الكثيف أشرق فذلك الإشراق هو نكاح النور له و بنفس ما يقع النكاح تكون ولادته للظل فنفس النكاح نفس الحمل نفس الولادة في زمان واحد كما قلنا في زمان وجود البرق انصباغ الهواء و ظهور المحسوسات و إدراك الأبصار لها و الزمان واحد و التقدم و التأخر معقول و هكذا الظل فافهم و من هذه الحضرة سماع ما يقبضك و رؤية ما يقبضك فلو لم يقبض المسموع الذي قبضك ما كنت مقبوضا و كذلك الرؤية فأنت القابض المقبوض فما أتى عليك إلا منك فلو أزلت الغرض عند السماع أو الرؤية لكنت قابضا و لم تكن مقبوضا غير إن هذه الحقيقة لا ترتفع من العالم لأن الاستناد قوى بقوله ﴿اِتَّبَعُوا مٰا أَسْخَطَ اللّٰهَ﴾ [محمد:28] و ليس إلا القبض فإذا أخبر الحق بوجود الأثر في ذلك الجناب فأين يخرج العبد من حكمه لذلك قال في نعيم الجنان
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية