[أن الإنسان الكامل مخلوق على الصورة]
اعلم أيدنا اللّٰه و إياك بروح القدس أنه ما في القرآن دليل أدل على إن الإنسان الكامل مخلوق على الصورة من هذا الذكر لدخول اللام في قوله و للرسول و في أمره تعالى لمن آية به من المؤمنين بالإجابة لدعوة اللّٰه تعالى و لدعوة الرسول فإن اللّٰه و رسوله ما يدعونا إلا لما يحيينا به فلتكن منا الإجابة على كل حال إذا دعانا فإنه ما نكون في حال إلا منه فلا بد أن نجيبه إذا دعانا فإنه الذي يقيمنا في أحوالنا و إنما فصل هنا بين دعوة اللّٰه و دعوة الرسول لنتحقق من ذلك صورة الحق التي رسول اللّٰه ﷺ عليها و هو الداعي في الحالتين إيانا فإذا دعانا بالقرآن كان مبلغا و ترجمانا و كان الدعاء دعاء اللّٰه فلتكن إجابتنا لله و الإسماع للرسول و إذا دعانا بغير القرآن كان الدعاء دعاء الرسول ﷺ فلتكن إجابتنا للرسول ﷺ و لا فرق بين الدعاءين في إجابتنا و أن تميز كل دعاء عن الآخر بتميز الداعي «فإن رسول اللّٰه ﷺ يقول في الحديث لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الخبر عني فيقول اتل علي به قرآنا إنه و اللّٰه لمثل القرآن أو أكثر» فقوله أو أكثر مثل ما قال أبو يزيد بطشي أشد فإن كلام اللّٰه سواء سمعناه من اللّٰه أو من الرسول هو كلام اللّٰه فإذا قال اللّٰه على لسان عبده ما يبلغه الرسول فإنه لا ينطق عن الهوى : فإنه أكثر بلا شك لأنا ما سمعناه إلا من عين الكثرة و هو من الرسول أقرب مناسبة لاسماعنا للتشاكل كما هو من اللّٰه أقرب مناسبة لحقائقنا فإن اللّٰه أقرب إلينا من الرسول لا بل أقرب إلينا منا فإنه أقرب إلينا ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] و غاية قرب الرسول في الظاهر المجاورة بحيث أن لا يكون بيننا مكان يكون فيه شخص ثالث فيتميز في الرسول بالمكان و بما بلغ بالمكانة و نتميز عن اللّٰه بالمكانة فإنه أقرب إلينا منا و لا أقرب إلى الشيء من نفسه فهو قرب نؤمن به و لا نعرفه بل و لا نشهده إذ لو شهدناه عرفناه فإذا دعانا اللّٰه منا فلنجبه به لا بد من ذلك و إذا دعانا بالرسول منا فلنجبه بالله لا به فنحن في الدعاءين به و له و للرسول و لينظر المدعو فيما دعي به فإن وجد حياة علمية زائدة على ما عنده يحيا بها في نفس الدعاء وجبت الإجابة لمن دعاه اللّٰه أو دعاه الرسول فإنه ما أمر بالإجابة إلا إذا دعاه لما يحييه و ما يدعوه اللّٰه و رسوله لشيء إلا ما يحييه فلو لم يجد طعم الحياة الغريبة الزائدة لم يدر من دعاه و ليس المطلوب لنا إلا حصول ما نحيي به و لهذا سمعنا و أطعنا فلا بد من الإحساس لهذا المدعو بهذا الأثر الذي تتعين الإجابة له به فإذا أجاب من هذه صفته حصلت له فيما يسمعه حياة أخرى يحيي بها قلب هذا السامع فإن اقتضى ما سمعه منه عملا و عمل به كانت له حياة ثالثة فانظر ما يحرم العبد إذا لم يسمع دعاء اللّٰه و لا دعاء الرسول و الوجود كله كلمات اللّٰه و الواردات كلها رسل من عند اللّٰه هكذا يجدها العارفون بالله فكل قائل عندهم فليس إلا اللّٰه و كل قول علم إلهي و ما بقيت الصيغة إلا في صورة السماع من ذلك فإنه ثم قول امتثال شرعا و قول ابتلاء فما بقي إلا الفهم الذي به يقع التفاضل فاقتصر علماء الرسوم على كلام اللّٰه المعين المسمى فرقانا و قرآنا و على الرسول المعين المسمى محمدا ﷺ و العارفون عمموا السمع في كل كلام فسمعوا القرآن قرآنا لا فرقانا و عمموا الرسالة فالألف و اللام التي في قوله ﴿وَ لِلرَّسُولِ﴾ [الأنفال:24] عندهم للجنس و الشمول لا للعهد فكل داع في العالم فهو رسول من اللّٰه باطنا و يفترقون في الظاهر أ لا ترى إبليس و هو أبعد البعداء عن نسبة التقريب و كذلك الساحر بعده كيف شهد لهم بالرسالة و إن لم يقع التصريح فقال في السحرة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية