﴿إِنِّي أَخٰافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذٰابٌ مِنَ الرَّحْمٰنِ﴾ [مريم:45]
[استوائية العرش و أينية العماء]
و من كان هذا مقامه و معرفته و هذا الاسم الرحمن ينظر إليه فيعاين من الأسرار ذوقا ما بين نسبة الاستواء إلى العرش و ما بين نسبة الأين إلى العماء هل هما على حد واحد أو يختلف و يعلم ما للحق من نعوت الجلال و اللطف معا بين العماء و الاستواء إذ قد كان في العماء و لا عرش فيوصف بالاستواء عليه ثم خلق العرش و استوى عليه بالاسم الرحمن و للعرش حد يتميز به من العماء الذي هو الاسم الرب و للعماء حد يتميز به عن العرش و لا بد من انتقال من صفة إلى صفة فما كان نعته تعالى بين العماء و العرش أو بأي نسبة ظهر بينهما إذ قد تميز كل واحد منهما عن صاحبه بحده و حقيقته كما يتميز العماء الذي فوقه الهواء و تحته الهواء و هو السحاب الرقيق الذي يحمله الهواء الذي تحته و فوقه عن العماء الذي ما فوقه هواء و ما تحته هواء فهو عماء غير محمول فيعلم السامع أن العماء الذي جعل للرب أينية أنه عماء غير محمول ثم جاء قوله تعالى ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّٰهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمٰامِ﴾ [البقرة:210] فهل هذا الغمام هو راجع إلى ذلك العماء فيكون العماء حاملا للعرش و يكون العرش مستوي الرحمن فتجمع القيامة بين العماء و العرش أو هو هذا المقام المقصود الذي فوقه هواء و تحته هواء فصاحب هذا المقام يعطي علم ذلك كله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية