فما من شيء إلا و هو طامع في رحمة اللّٰه فمنهم من تناله بحكم الوجوب و منهم من تناله بحكم المنة كنت قاعدا يوما بإشبيلية بين يدي شيخنا في الطريق أبي العباس العريني من أهل العليا بمغرب الأندلس فدخل عليه رجل فوقع ذكر المعروف و الصدقة فقال الرجل اللّٰه يقول الأقربون أولى بالمعروف فقال الشيخ على الفور إلى اللّٰه فما أبردها على الكبد و كذلك هو الأمر في نفسه و لا أقرب من اللّٰه فهو القريب سبحانه الذي لا يبعد إلا بعد تنزيه و تنقطع الأرحام بالموت و لا ينقطع الرحم المنسوبة إلى الحق فإنه معنا حيثما كنا و نحن ما بيننا نتصل في وقت و ننقطع في وقت بموت أو بفقد و ارتحال و كم من حال قد أغنى عن سؤال و من جهل نفسه فهو بغيره أجهل و من علم غيره فهو بنفسه أعلم «من عرف نفسه عرف ربه»
ليس الذي يخبر عن غيره *** مثل الذي يخبر عن نفسه
لأنه يخبر عن فوقه *** في غيبه كان و في حسه
و كل من أخبر عن نفسه *** فإنما أخبر عن جنسه
و الحق إن قيدته إنه *** لا يحجب المحبوس في حبسه
من قيد الحق بإطلاقه *** فما أقام الميت من رمسه
هيهات لا يعرف أسراره *** إلا الذي حج إلى قدسه
من أسه الحق فذاك الذي *** يطرحه الضارب من أسه
[سر انبعاث اللّٰه تعالى موسى و هارون إلى فرعون]
سر إلهي لا يعرفه كثير من الناس بعث اللّٰه تعالى موسى و هارون إلى فرعون و أوصاهما أن يقولا ﴿لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشىٰ﴾ [ طه:44]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية