فأنت إن خالفته *** كنت بها على شفا
[الحق لا يكلم عباده و لا يخاطبهم إلا من وراء حجاب]
و اعلم أن الحق لا يكلم عباده و لا يخاطبهم إلا ﴿مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ﴾ [الأحزاب:53] صورة يتجلى لهم فيها تكون له تلك الصورة حجابا عنه و دليلا عليه كالصورة الظاهرة الجسدية من الإنسان إذا أرادت النفس الناطقة أن تكلم نفسا أخرى كلمتها من وراء حجاب صورة جسدها بلسان تلك الصورة و لغتها مع كون النفس مخلوقة و أمرها كما ذكرناه فكيف بالخالق فلا يشهد المنازل في المنازلات الخطابية إلا صور عنها تأخذ ما تترجم له عنه من الحقائق و الأسرار و هي السنة الفهوانية و حد المنازلات من العماء إلى الأرض و ما بينهما فمهما فارقت الصورة العماء و فارقت الصورة الإنسانية الباطنة الأرض ثم التقتا فتلك المنازلة فإن وصلت إلى العماء أو جاءها الأمر إلى الأرض فذلك نزول لا منازلة و المحل الذي وقع فيه الاجتماع منزل و تسمى هذه الحضرة التي منها يكون الخطاب الإلهي لمن شاء من عباده حضرة اللسن و منها كلم اللّٰه تعالى موسى عليه السّلام أ لا تراه تجلى له في صورة حاجته و منها أعطى رسول اللّٰه ﷺ جوامع الكلم فجمع له في هذه الحضرة صور العالم كلها فكان علم أسماء هذه الصور علم آدم عليه السّلام و أعيانها لمحمد ﷺ مع أسمائها التي أعطيت لآدم عليه السّلام فإن آدم من الأولين الذين أعطى اللّٰه محمدا ﷺ علمهم «حين قال عن نفسه إنه أعطاه اللّٰه علم الأولين و الآخرين»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية