إذ من شأن من يضحك أن يتوقع منه وجود الخير فكما أتبع الصورة الضحك اتبعها وجود الخير منها و هذا في الجناب الإلهي فكيف في جوهر العالم و لا يهون مثل هذا عند عالم و لا يقبله متسع الخاطر إلا من عرف أن جوهر العالم هو النفس الرحماني الذي ظهرت فيه صور العالم و من لم يعلم ذلك فإنه يدركه في نفسه تكلف و مشقة في قبول ذلك في حق الحق و حق كل ظاهر في صورة يعلم أنها ما هي له حقيقة فيتأول و يتعذر عليه في أوقات التأويل فيؤمن و يسلم و لا يدري كيف الأمر بخلاف العالم المحقق الذي قد أطلعه اللّٰه تعالى على ما هي الأمور عليه في أنفسها فالعالم كله من حيث جوهره شريف لا تفاضل فيه و إن الدودة و العقل الأول على السواء في فضل الجوهر و ما ظهرت المفاضلة إلا في الصور و هي أحكام المراتب فشريف و أشرف و وضيع و أوضع و من علم هذا هان عليه قبول جميع ما وردت به الشرائع من الأمور في حق اللّٰه و الدار الآخرة و الأمور الغائبة التي لا تدركها العقول بأفكارها و ليس لها مدرك إلا بالخير و ليست الصور بشيء غير أعيان الممكنات و ليس جوهر العالم سوى ما ذكرنا فللإطلاق على العالم من حيث جوهره حكم لا يكون له من حيث صورته و له حكم من حيث صورته لا يكون له من حيث جوهره فمن الناس من علم ذلك على الكشف و هم أصحابنا و الرسل و الأنبياء و المقربون و من الناس من وجد ذلك في قوته و في عقله و لم يعرف من أين جاء و لا كيف حصل له فيشرك أهل الكشف في الحكم و لا يدري على التحقق ما هو الأمر و هم القائلون بالعلة و القائلون بالدهر و القائلون بالطبيعة و ما عدى هؤلاء فلا خبر عندهم بشيء من هذا الحكم كما إن هؤلاء الطوائف لا علم لهم بما يعلمه أهل اللّٰه و إن اشتركا في هذا الحكم فلو سألت علماء طائفة منهم ما أنكر لك عين ما أبانه أهل اللّٰه من ذلك و ما حكم عليهم القول بذلك الحكم إلا ما عرفه أهل اللّٰه هم و القائلون بالعلة لا يشعرون أ لا ترى الشارع و هو المخبر عن اللّٰه ما وصف الحق بأمر فيه تفصيل إلا و هو صفة المحدث المخلوق مع قدم الموصوف به و هو اللّٰه و لا قدم للعقل في ذلك من حيث نظره و فكره و سبب ذلك لا يعرف أصله و لا يعلم أنه صورته في جوهر العالم بل يتخيل أنه عين الجوهر فإن أردت السلامة فاعبد ربا وصف نفسه بما وصف و نفى التشبيه و أثبت الحكم كما هو الأمر عليه لأن الجوهر ما هو عين الصورة فلا حكم للتشبيه عليه و لهذا قال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] لعدم المشابهة فإن الحقائق ترمي بها
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية