فيما صدقوا فيه هل صدقوا فيما أمروا به و أبيح لهم أو هل صدقوا في إتيان ما حرم عليهم إتيانه مع كونهم صادقين فيقال لهم فيم صدقتم فإن النمامين صادقون و المغتابين صادقون و قد ذمهم اللّٰه و توعد على ذلك مع كونه صدقا فلهذا يسأل الصادقين عن صدقهم فيما صدقوا فهذا من اختبار اللّٰه إياهم و أصل هذا كله ما ركب فيهم من الدعاوي و مما اختبرهم اللّٰه به في الخطاب إن جعل ما ابتلاهم به ليعلم اللّٰه الصادق في دعواه من الكاذب فأنزل نفسه في هذا الاختبار منزلة من يستفيد بذلك علما و هو سبحانه العالم بما يكون منهم في ذلك قبل كونه فمن المنزهة في زعمهم من يقول إن اللّٰه لا يستفيد من ذلك علما فإنه لا يعلم الأمر من حيث ما هو واقع من فلان على التعيين فرد كلام اللّٰه و تأوله إذ خاف من وقوع الأذى به لذلك و من الظاهرية من التزم أنه يعلم بذلك الاختبار وقوفا عند هذا اللفظ و من الناس من صرف ذلك إلى تعلق العلم به عند الوقوع فالعلم قديم و التعلق حادث و من المؤمنين من سلم علم ذلك إلى اللّٰه و آمن به من غير تأويل معين و هذا هو أسلم ما يعتقد و هذا كله ابتلاء من اللّٰه لعباده الذين ادعوا الايمان به بألسنتهم فإنه قال ﴿حَتّٰى نَعْلَمَ﴾ [محمد:31]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية