فيمشي عليهم زمان يذوقون فيه العذاب مستصحبا إلى أن تنضج الجلود و حينئذ يتجدد عليهم بالتبديل عذاب جديد فلو كان لهم التبوؤ من جهنم حيث يشاءون لما استقروا حتى تنضج جلودهم بل كانوا يذوقون في كل موضع ينتقلون إليه عذابا جديدا إلى حصول الإنضاج فيكون ذلك الانتقال أشد في عذابهم فرحمهم اللّٰه من حيث لا يشعرون كما مكر بهم من حيث لا يشعرون فهذه سبعمائة رحمة و تسع عشرة رحمة مائة منها بيد اللّٰه لم يتصرف فيها أحد من خلق اللّٰه اختص بها لنفسه بها يرحم اللّٰه عباده بارتفاع الوسائط بل منه للمرحوم خاصة و هي على عدد الأسماء الإلهية أسماء الإحصاء التسعة و التسعين اسما رحمة واحدة لكل اسم من هذه المائة التي بيد اللّٰه لا علم لمخلوق بها و تمام المائة الرحمة المضافة إليه التي وسعت كل شيء فبهذه المائة رحمة ينظر إلى درج الجنة و هي مائة درجة و بها بعد انقضاء زمان استحقاق العذاب ينظر إلى دركات النار و هي مائة درك كل درك يقابل درجة من الجنة فتتأيد بهذه الرحمة الواسعة التسع عشرة رحمة التي تقاوم ملائكة العذاب في النار و تلك الملائكة قد وسعتهم فيجدون في نفوسهم رحمة بأهل النار لأنهم يرون اللّٰه قد تجلى في غير صورة الغضب الذي كان قد حرضهم على الانتقام لله من الأعداء فيشفعون عند اللّٰه في حق أهل النار الذين لا يخرجون منها فيكونون لهم بعد ما كانوا عليهم فيقبل اللّٰه شفاعتهم فيهم و قد حقت الكلمة الإلهية أنهم عمار تلك الدار فيجعل الحكم فيهم للرحمة التي ﴿وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:156]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية