و إني منزه عن وصف الواصفين فجاء الرسول بالتوقيع الإلهي إلى هذا المؤمن المنازع بقوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] و بقوله ﴿سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ﴾ [الصافات:180] و أشباه هذا النوع من التنزيه الذي يعطيه دليل العقل النظري فإذا سمع هذا منه طاب قلبه و جنح إليه و زال نزاعه و جاء العلماء إلى المؤمن الخلق في المصالحة من هذا الجانب و قالوا له أنت تعلم أن المؤمن الحق اعلم بنفسه منك به لا بل اعلم بك من علمك بنفسك و إنك إنما تحكم عليه بما هو خلق له مثلك و هو عقلك و فكرك و دليلك فلا فرق بينك و بين كل مخلوق في العجز عما لا يعجز عنه المؤمن الحق فقف معه في موضع التسليم فإنه و إن كان مؤمنا و أنت مؤمن فأنت على مرتبتك التي تليق بك و هو على مرتبته التي تليق به و أنت تعلم أنك لست مثله و إن جمعكما الايمان فليس نسبته إليه مثل نسبته إليك فإنك لست مثله فلا تغرنك هذه المماثلة و اعرف قدرك فإذا سمع مثل هذا طلب الصلح و الإقالة مما وقع منه من النزاع و امتن المؤمن الحق عليه بما وقع له في المنشور من التنزيه الذي وقع النزاع من أجله فأصلح المؤمنون العالمون بين المؤمن الحق و بين هذا المؤمن الخلق فهكذا فليكن الفهم عن اللّٰه فيما أوحى به إلى عباده على ألسنة رسله و أنزله في كتبه ثم في أخوة الايمان درجة أخرى من درجات الكشف و هي قوله بعد أن تسمى لنا بالمؤمن و إنما المؤمنون إخوة لأبوة الايمان «قال المؤمن مرآة أخيه»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية