«قوله تعالى و لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا و بصرا» الحديث فالنافلة أنتجت له المحبة الإلهية ليكون الحق سمعه و بصره و المحبة الإلهية هي التي أنزلته من الحق منزلة أن يكون الحق سمعه و بصره و العلة في ذلك أن المتنفل عبد اختيار كالأجير فإذا اختار الإنسان أن يكون عبد اللّٰه لا عبد هواه فقد آثر اللّٰه على هواه و هو في الفرائض عبد اضطرار لا عبد اختيار فتلك العبودية أوجبت عليه خدمة سيده فيما افترضه عليه فبين الإنسان في عبوديته الاضطرارية و بين عبوديته الاختيار ما بين الأجير و العبد المملوك فالعبد الأصلي ما له على سيده استحقاق إلا ما لا بد منه يأكل من سيده و يلبس من سيده و يقوم بواجبات مقامه فلا يزال في دار سيده ليلا و نهارا لا يبرح إلا إذا وجهه في شغله فهو في الدنيا مع اللّٰه و في القيامة مع اللّٰه و في الجنة مع اللّٰه فإنها جميعها ملك سيده فيتصرف فيها تصرف الملاك و الأجير ماله سوى ما عين له من الأجرة منها نفقته و كسوته و ماله دخول على حرم سيده و مؤجره و لا الاطلاع على أسراره و لا تصرف في ملكه إلا بقدر ما استوجر عليه فإذا انقضت مدة إجارته و أخذ أجرته فارق مؤجره و اشتغل بأهله و ليس له من هذا الوجه حقيقة و لا نسبة تطلب من استأجره إلا أن يمن عليه رب المال بأن يبعث خلفه و يجالسه و يخلع عليه فذلك من باب المنة و قد ارتفعت عنه في الدار الآخرة عبودية الاختيار فإن تفطنت فقد نبهتك على مقام جليل تعرف منه من أي مقام قالت الأنبياء مع كونهم عبيدا مخلصين له لم يملكهم هوى أنفسهم و لا أحد من خلق اللّٰه و مع هذا قالوا ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلاّٰ عَلَى اللّٰهِ﴾ [يونس:72]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية