[إن الأرواح المدبرة للصور كانت موجودة في حضرة الجمال]
فاعلم إن الناس اختلفوا في هذه المسألة على ما ذكرنا تفصيله و التحقيق في ذلك عندنا إن الأرواح المدبرة للصور كانت موجودة في حضرة الجمال غير مفصلة لأعيانها مفصلة عند اللّٰه في علمه فكانت في حضرة الإجمال كالحروف الموجودة بالقوة في المداد فلم تتميز لأنفسها و إن كانت متميزة عند اللّٰه مفصلة في حال إجمالها فإذا كتب القلم في اللوح ظهر صور الحروف مفصلة بعد ما كانت مجملة في المداد فقيل هذا ألف و باء و جيم و دال في البسائط و هي أرواح البسائط و قيل هذا قام و هذا زيد و هذا خرج و هذا عمرو و هي أرواح الأجسام المركبة و لما سوى اللّٰه صور العالم أي عالم شاء كان الروح الكل كالقلم و اليمين الكاتبة و الأرواح كالمداد في القلم و الصور كمنازل الحروف في اللوح فنفخ الروح في صور العالم فظهرت الأرواح متميزة بصورها فقيل هذا زيد و هذا عمرو و هذا فرس و هذا فيل و هذه حية و كل ذي روح و ما ثم إلا ذو روح لكنه مدرك و غير مدرك فمن الناس من قال إن الأرواح في أصل وجودها متولدة من مزاج الصورة و من الناس من منع من ذلك و لكل واحد وجه يستند إليه في ذلك و الطريقة الوسطى ما ذهبنا إليه و هو قوله ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ [المؤمنون:14]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية