إذ الرجوع إلى التحقيق شيمة من *** يرى المنازل في الأعلام و السور
[أول ما أمر اللّٰه به عبده الأدب]
أول ما أمر اللّٰه به عبده الجمع و هو الأدب و هو مشتق من المأدبة و هو الاجتماع على الطعام كذلك الأدب عبارة عن جماع الخير كله «قال صلى اللّٰه عليه و سلم إن اللّٰه أدبني أي جمع في جميع الخيرات لأنه قال فحسن أدبي» أي جعلني محلا لكل حسن فقيل للإنسان اجمع الخيرات فإن اللّٰه جعل في الدنيا عبده عاملا جابيا يجبي له سبحانه جميع ما رسم له فهو في الدنيا يجمع ذلك فما خلقه اللّٰه إلا للجمع فإن جمع ما أمر بجمعه و جباه كان سعيدا و وهبه الحق جميع ما جباه و أنعم عليه فكانت أجرته عين ما جمعه مع الثناء الإلهي الحسن عليه بالأمانة و العدل و عدم الظلم و الخيانة و إن كان عبد سوء خان في أمانته فأعطاها غير أهلها و جمع ما لم يؤمر بجمعه مما نهي عنه إن يدخل فيه نفسه و ترك جمع ما أمر بجمعه فلما انقلب إلى سيده و حصل في ديوان المحاسبة و قعد أهل الديوان يحاسبونه و رأى شدة الهول في حسابه و حساب غيره و رأى الأمناء الذين جبوا على حد ما رسم لهم قد سعدوا و آمنوا كثر عليه الغم و الحزن فمنهم من عفي عنه و خلى سبيله لشفاعة شافع و منهم من لم يكن له شفيع فعذب و عصر فمن عرف ما خلق له و عمل عليه استراح راحة الأبد مع أنه في نفسه في زمان جبايته على حذر و خطر و إن كان هذا فأحسن ما جمعه الإنسان في حياته العلم بالله و التخلق بأسمائه و الوقوف عند ما تقتضيه عبوديته و أن يوفي ما تستحقه مرتبة سيده من امتثال أوامره و منزل هذا الأمر من الأسماء الإلهية الاسم الرب و قد نعت اللّٰه سبحانه هذا الاسم بالعظمة و الكرم و العلو في مواضع من كتابه العزيز و ذكر ما جعل تحت حكمه و بيده من الأمور و جعل للباء في هذا المنزل سلطانا عظيما حيث جعلها واسطة بين اللّٰه و عبده فإن اللّٰه تعالى قال لعبده ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى:1] فأمره بتنزيهه فقال له العبد مقالة حال بما نسبحه فقال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية