﴿آيَتُكَ أَلاّٰ تُكَلِّمَ النّٰاسَ ثَلاٰثَةَ أَيّٰامٍ إِلاّٰ رَمْزاً﴾ [آل عمران:41] و الرمز ما يقع بالإشارة فإن الإشارة صريحة في الأمر المطلوب بل هي أقوى في التعريف من التلفظ باسم المشار إليه في مواطن يحتاج المتكلم فيها إلى قرينة حال حتى لو قال شخص لآخر كلم زيدا بكذا و كذا و زيد حاضر احتمل أن يفهم عنه السامع زيدا آخر غير هذا و المتكلم إنما أراد الحاضر فإذا ترك التلفظ باسمه و أشار إليه بيده أو بعينه فقال كلم هذا مشيرا إليه كان أفصح و أبعد من الإبهام و النكر و الحرف إنما هو لفظ مجمل يحتمل التوجيه فيه إلى أمور مثل ما رمز الشاعر في التعريف بالنار من غير إن يسميها فقال
و طائرة تطير بلا جناح *** و تأكل في المساء و في الصباح
و تمشي في الغصون لها صياح *** و هز في الحسام لدى الكفاح
تفر الأسد منها في الفيافي *** و تغلب للصوارم و الرماح
و تجلس بين أفخاذ العذارى *** و تكشف ما خفي تحت الوشاح
إذا ماتت تجارح والداها *** فترجع حية عند الجراح
يريد بالوالدين الزناد فهذا هو الرمز في النار و قال الآخر في العين فأحسن
و طائرة تطير بلا جناح *** تفوق الطائرين و ما تطير
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية