﴿وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتٰابِ﴾ [الرعد:39] و هي السابقة التي لا تتبدل و لا تمحى فلما علم عزَّ وجلَّ ما يمحو من ذلك بعد كتابته و ما يثبت أضيف التقليب إلى العلم و التحقيق ما ذكرناه من تغيير التعلق و عدم التقليب في العلم و أما قوله تعالى ﴿عَلِمَ اللّٰهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتٰانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة:187] فما أراد هنا تعلق علمه تعالى بأنهم يختانون أنفسهم و إنما المستقبل هنا بمعنى الماضي فإن اللسان العربي يجيء فيه المستقبل ببنية الماضي إذا كان متحققا كقوله تعالى ﴿أَتىٰ أَمْرُ اللّٰهِ فَلاٰ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل:1] و شبهه و قد كان الحق كلفهم قبل هذا التعريف أن لا يباشر الصائم امرأته ليلة صومه فمنهم من تعدى حد اللّٰه في ذلك فلما علم اللّٰه ذلك عفا عمن وقع منه ذلك و أحل له الجماع ليلة صومه إلا أن يكون معتكفا في المسجد فما خفف عنهم حتى وقع منهم ذلك و من من شأنه مثل هذا الواقع فإنه لا يزال يتوقع منه مثله فأبيح له رحمة به حتى إذا وقع منه ذلك كان حلالا له و مباحا و تزول عنه صفة الخيانة فإن الدين أمانة عند المكلف و أما الرهبة لتحقيق أمر السبق فلقوله تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية