﴿لاٰ تَحْزَنْ إِنَّ اللّٰهَ مَعَنٰا﴾ [التوبة:40] فقام النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في هذا الإخبار مقام الحق في معيته لموسى و هارون و ناب منابه هكذا تكون العناية الإلهية فهذا هو النور الذي يسعى به و هو لا يزال ساعيا فلا يزال الحق معه حافظا و ناصرا لا خاذلا و لهذا وقع الإخبار لنا من اللّٰه على لسان رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم أنا إذا أتينا بنوافل الخيرات لا بفرائضها أحبنا الحق فكان سمعنا الذي نسمع به و رجلنا التي نسعى بها إلى جميع قوانا و أعضائنا فهذا ما أعطت النوافل فينا من الحق فأين أنت مما تعطيه الفرائض فكم بين عبودية الاضطرار و عبودية الاختيار تقع المشاركة مع الحق في عبودة الاختيار في أحاديث نزوله في الخطاب إلى عبده مثل الشوق و الجوع و العطش و المرض و أشباه ذلك و عبودة الاضطرار لا تقع فيها مشاركة فهي مخلصة للعبد فمن أقيم فيها فلا مقام فوقها يقول اللّٰه لأبي يزيد تقرب إلي بما ليس لي الذلة و الافتقار فعين القربة هنا هو عين البعد من المقام فافهم و أما النور الذي نسعى منه فهو نور الحقيقة سواء علمها أو لم يعلمها فيكشفها بهذا النور و يكشف أنه سعى منه ثم ينكشف له النور الذي يسعى إليه و هو الشريعة فصاحب هذا المقام هو المعصوم المحفوظ المعتنى به العالم الذي لا يجهل لاتصافه بالعلم الذي لا جهل فيه فإن ثم عبيدا يسعون من نور الشريعة إلى نور الحقيقة و يخاف عليهم و هؤلاء الذين يسعون على كشف من نور الحقيقة إلى نور الشريعة آمنون من هذا المكر الإلهي فهم على بصيرة من أمرهم و هؤلائك تحت خطر عظيم يمكن أن يعصموا فيه و يمكن أن يخذلوا فاعلم ذلك و أما أنوار المولدات فهي أنوار تعطيه بذاتها علما صحيحا من العلم بالله يكشف بها نسبة الحق و صورته في صور أعيان المعادن و النبات و الحيوان و هم لا يعلمون و ما زاد الإنسان على هؤلاء إلا بكشفه ذلك فالمولدات في هذا المقام بمنزلة قوله ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4] و الإنسان فيه بمنزلة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية