﴿وَ مٰا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفٰاسِقِينَ﴾ [البقرة:26] الخارجين عن حكم هذين القرينين ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
(التوحيد الثامن و العشرون)
من نفس الرحمن هو قوله ﴿شَدِيدِ الْعِقٰابِ ذِي الطَّوْلِ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر:3] هذا توحيد الصيرورة و هو من توحيد الهوية و هو على الحقيقة مقام الايمان لأن المؤمن من اعتدل في حقه الخوف و الرجاء و استوت فيهما قدماه فلم يحكم فضله في عدله و لا عدله في فضله فكما تجلى في شديد العقاب تجلى في الطول الأعم المؤيد بغافر الذنب و قابل التوب و لم يجعل للشديد العقاب مؤيدا و ذلك للدعوى في الشدة فوكل إلى ما ادعاه فهو غير معان و من لم يدع فهو معان فإنها ولاية في الخلق و لأنه جاء بالشدة في العقاب و لم يجيء في الطول مثل هذه الصفة فلهذا شدد أزره بغافر الذنب و قابل التوب فأشار إلى ذوي الأفهام من عباده بإعانة ذي الطول بغافر الذنب و قابل التوب على الشديد العقاب إلى ترك الدعوى فإن الشديد في زعمه أنه لا يقاوم و لو علم أن ثم من يقاومه ما ادعى ذلك فنبه تعالى عباده على ترك الدعوى فيكون الحق يتولى أمورهم بنفسه و عصمهم في حركاتهم و سكناتهم ليقفوا عند ذلك و يعلموا أنه الحق
(التوحيد التاسع و العشرون)
من نفس الرحمن هو قوله ﴿ذٰلِكُمُ اللّٰهُ رَبُّكُمْ خٰالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَأَنّٰى تُؤْفَكُونَ﴾ [غافر:62] هذا توحيد الفضل و هو من توحيد الهوية لأنه جاء بعد قوله ﴿إِنَّ اللّٰهَ لَذُو فَضْلٍ﴾ [البقرة:243] ﴿عَلَى النّٰاسِ﴾ [البقرة:143] فيكون هذا التوحيد شكرا لما تفضل به اللّٰه على الناس مع قوله ﴿لَخَلْقُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّٰاسِ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ﴾ [غافر:57] أراد في المنزلة فإن الجرم يعلمه كل أحد و لكن ما تفطن الناس لقوله تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية