بما يخرج منها من أرزاق الأجسام فهو الرازق الذي بيده هذا الرزق غير أن الحجب لما أرسلها اللّٰه على بعض أبصار عباد اللّٰه و لم يدركوا إلا مسمى الرزق لا مسمى الرازق قالوا هذا فقيل لهم ما هو هذا هو في هذا مجعول من الذي خلقكم فكما خلقكم هو رزقكم فلا تعدلوا به ما هو له و منه فأنتم و من اعتمد تم عليه سواء فلا تعتمدوا على أمثالكم فتعتمدوا على الكثرة و الاعتماد على الكثرة يؤدي إلى عدم حصول ما وقع فيه الاعتماد إذ كل واحد من الكثيرين يقول غيري يقوم له بذلك فلا يقوم له شيء فيدعوه الحال الصحيح إلى التفرغ و التجرد إلى واحد على علم من ذلك الواحد أنه تجرد إليه و تفرغ مما سواه فتعين القيام به عليه فادى إلى حصول المطلوب من وراء حجاب في حق قوم و على الشهود و الكشف في حق آخرين و هم أهل اللّٰه و خاصته
(التوحيد السادس و العشرون)
من نفس الرحمن هو قوله ﴿إِنَّهُمْ كٰانُوا إِذٰا قِيلَ لَهُمْ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ اللّٰهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الصافات:35] هذا توحيد التعجب و هو توحيد اللّٰه لا توحيد الهوية فقوله ﴿يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [المائدة:82] أي يستعظمون ذلك و يتعجبون منه كيف يصح في الكون لا إله إلا اللّٰه و الشيء لا يكون إلا على صورة واحدة و عين واحدة و الصور كثيرة مختلفة بالحد و الحقيقة و بيدها المنع و العطاء و ذلك لله ﴿أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلٰهاً وٰاحِداً إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ﴾ [ص:5] أي الكثرة في عين الواحد ﴿مٰا سَمِعْنٰا بِهٰذٰا فِي آبٰائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ [المؤمنون:24]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية