﴿فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ﴾ [ص:26] أي يحيرك و يتلفك و يعمى عليك السبيل الذي شرعته لك و طلبت منك المشي عليه و هو الحكم به فالهوى هنا محاب الإنسان فأمره الحق بترك محابه إذا وافق غير الطريق المشروعة له فإن قلت فقد نهاه عما لا يصح أن ينتهي عنه فإن الحب الذي هو الهوى سلطانه قوي و لا وجود لعين العقل معه قلنا ما كلفه إزالة الهوى فإنه لا يزول إلا أن الهوى كما قلنا يختلف متعلقة و يكون في موجودين كثيرين و قد بينا أن الهوى الذي هو الحب حقيقته حب الاتصال في موجود ما أو كثيرين فطلب منه تعالى أن يعلقه بالحق الذي شرع له و هو سبيل اللّٰه كما يعلقه بسبل كثيرة ما هي سبيل اللّٰه فهذا معنى قوله ﴿وَ لاٰ تَتَّبِعِ الْهَوىٰ﴾ [ص:26] فما كلفه ما لا يطيق فإن تكليف ما لا يطاق محال على العالم الحكيم أن يشرعه فإن احتججت بتكليف الايمان من سبق في علم اللّٰه أنه لا يؤمن كأبي جهل و أمثاله قلنا الجواب من وجهين الوجه الواحد إني لست أعني بتكليف ما لا يطاق إلا ما جرت العادة به أنه لا يطيقه المكلف مثل أن يقول له اصعد إلى السماء بغير سبب و اجمع بين الضدين فقم في الوقت الذي لا يقوم و إنما كلفه ما جرت العادة به أن يطيقه و هو اعتقاد الايمان أو التلفظ به و كلاهما يجد كل إنسان في نفسه التمكن من مثل هذا كسبا أو خلقا كيفما شئت فقل و لهذا تقوم الحجة به لله على العبد يوم القيامة و قد قال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية