و كذلك حرف كاف الخطاب ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة:129] فهذه كلها أسماء ضمائر و إشارات و كنايات تعم كل مضمر و مخاطب و مشار إليه و مكنى عنه و أمثال هذه و مع هذا فليست أعلاما و لكنها أقوى في الدلالة من الأعلام لأن الأعلام قد تفتقر إلى النعوت و هذه لا افتقار لها و ما منها كلمة إلا و لها في الذكر بها نتيجة و ما أحد من أهل اللّٰه أهل الأذواق رأيناه نبه على ذلك في طريق اللّٰه للسالكين بالأذكار الأعلى لفظ هو خاصة و جعلوها من ذكر خصوص الخصوص لأنها أعرف من الاسم اللّٰه عندهم في أصل الوضع لأنها لا تدل إلا على العين خاصة المضمرة من غير اشتقاق و إنما غلبها أهل اللّٰه على سائر المضمرات و الكنايات لكونها ضمير غيب مطلق عن تعلق العلم بحقيقته و قالوا إن لفظة هو ترجع إلى هويته التي لا يعلمها إلا هو فاعتمدوا على ذلك و لا سيما الطائفة التي زعمت أنه لا يعلم نفسه تعالى اللّٰه عن ذلك و ما علمت الطائفة أن غير لفظة هو في الذكر أكمل في المرتبة مثل الياء من أني و النون من نزلنا و لفظة نحن فهؤلاء أعلى مرتبة في الذكر من هو في حق السالك لا في حق العارف فلا أرفع من ذكر هو عند العارفين في حقهم و كما هي عندهم أعلى في الرتبة من لفظة هو كذلك هي أعلى من أسماء الخطاب مثل كاف المخاطب و تائه و أنت فإنه لا يقول إني و إنا و نحن إلا هو عن نفسه فمن قالها به فهو القائل ﴿وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ﴾ [ العنكبوت:45] فنتيجته أعظم لأن الذكر يعظم بقدر عظم علم الذاكر و لا أعلم من اللّٰه و باقي أسماء الضمائر مثل هو و ذا و كاف الخطاب هي من خواص عين المشار إليه فهي أشرف من الهو و مع هذا فما أحد من أهل اللّٰه سن الذكر بها كما فعلوا بلفظة هو فلا أدري هل منعهم من ذلك عدم الذوق لهذا المعنى و هو الأقرب فإنهم ما جعلوها ذكرا فإن قالوا فإنها تطلب التحديد قلنا فذلك سائغ في جميع المضمرات و نحن نقول بالذكر بذلك كله مع الحضور على طريق خاص و قد ورد في الشرع ما يقوي ما ذهبنا إليه من ذلك
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية