فتقول إن بدء الروح في نفوس أهله الذين أهلهم اللّٰه لتحصيله إن نفس الرحمن إذا تحكمت في نفوسهم المجاهدات التي تعطيهم رؤية الأغيار عرية عن رؤية اللّٰه فيها و أنها حائلة و قاطعة بين اللّٰه و بين هذا العبد فيكون صاحب هذه المجاهدة صاحب قبض و هم و غم و حجب يريد رفعها فتهب عليه من نفس الرحمن في باطنه ما يؤديه إلى رؤية وجه الحق في هذه القواطع على زعمه و في هذه الحجب و الأشياء التي يجاهد نفسه في قطع ما يتعرض إليه منها في طريقه فيريه ذلك النفس وجه الحق في كل شيء و هو العين و الحافظ عليه وجودها فلم ير شيئا خارجا عن الحق فزال تعبه من حيث ما يريد قطعها و يتألم عند ذلك ألما شديدا حيث يتوهم عدم تلك المعرفة ثم يعقب ذلك سرور عظيم لوجود هذا النفس فيحيي به معناه و يصير به روحا و هو قوله ﴿أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنٰا﴾ [الشورى:52] ما هو تحت كسبك و لا تعلق لك خاطر بتحصيله ﴿مٰا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتٰابُ وَ لاَ الْإِيمٰانُ وَ لٰكِنْ جَعَلْنٰاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِنٰا﴾ [الشورى:52] فهذا العارف ممن شاء من عباده فيقال فيه عند ذلك إنه ذو روح و يقال فيه إنه حي و قد التحق بالأحياء و هو قوله ﴿أَ وَ مَنْ كٰانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنٰاهُ وَ جَعَلْنٰا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّٰاسِ﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية