غير أن العبد مركب من ذاتين من معنى و حس و هو كماله فما لم يوجد الشيء المعلوم للحس فما كمل إدراكه لذلك الشيء بكمال ذاته فإذا أدركه حسا بعد وجوده و قد كان أدركه علما فكمل إدراكه للشيء بذاته فتركيبه سبب فقره إلى هذا الذي أراد وجوده و إمكانه سبب فقره إلى مرجحه و أما الحق تعالى فليس بمركب بل هو واحد فإدراكه للأشياء على ما هي الأشياء عليه من حقائقها في حال عدمها و وجودها إدراك واحد فلهذا لم يكن في إيجاده الأشياء عن فقر كما كان لهذا العبد المخلوق عليه صفة الحق و هذه مسألة لو ذهب عينك جزاء لتحصيلها لكان قليلا في حقها لأنها مزلة قدم زل فيها كثير من أهل طريقنا و التحقوا فيها بمن ذم اللّٰه تعالى في كتابه من قولهم ﴿إِنَّ اللّٰهَ فَقِيرٌ﴾ [آل عمران:181] و هذا سببه فما وجد الممكن و لا وجدت المعرفة الحادثة إلا لكمال رتبة الوجود و كمال رتبة المعرفة لا لكمال اللّٰه بل هو الكامل في نفسه سواء وجد العالم أو لم يوجد و عرف بالمعرفة المحدثة أو لم يعرف كما أنه على الحقيقة لا يعرف و لا يعرف منه ممكن إلا نفسه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية