[المحرم تلبس بصفة حسية هي للحق معنوية]
«يقول تعالى الكبرياء ردائي و العظمة إزاري» فهذا إحرام إلهي فإنه ذكر ثوبين ليسا بمخيطين فالحق سبحانه المحرم من الرجال بما وصف به نفسه و لم يفعل ذلك بالمرأة و لا أيضا حجر ذلك عليها فإنها قد تكمل في ذلك كما يكمل الرجال فلو لبسته المرأة لكان أولى بها عندنا فالمحرم قد تلبس بصفة هي للحق معنوية و في الخلق حسية هي في الحق كبرياء و عظمة و في الخلق رداء و إزار كما تلبس الصائم بصفة هي للحق و لهذا جعل في قواعد الإسلام مجاورا له و إن كان في الحقيقة وجود العظمة و الكبرياء إنما محلهما ظاهر العبد لا قلبه فقد تكون العظمة و الكبرياء حال الإنسان لا صفته و لو اتصف بها هلك جهلا و إذا كانتا حالا له في موطنهما نجا و سعد و شكر له ذلك فأول درجة هذه العبادة إن ألحق المتلبس بها من عباده بربه في التنزيه عن الاتصاف بالتركيب فتلبس بالكمال في أول قدم فيها و لهذا لا نجوز نحن للمحرم أن يلبس شيئا من المخيط و لا يغطي رأسه إلا لضرورة من أذى يلحقه لا يندفع ذلك الأذى إلا بلباس ما حجر عليه و إما إن فعله لغير أذى فما تلبس بالعبادة و لا حج و لا يفدي إلا من لبس ذلك من أذى و الأذى في الجناب الإلهي أن ينسب إلى التركيب لما فيه من النقص قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ﴾ [الأحزاب:57]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية