على هذا أكثر العلماء بالله و هذا فيه حد مخصوص و هو أن يكون عدد رمضان ثلاثين يوما فإن نقص نزل عن هذه الدرجة و عندنا إنه يجبر بهذه الستة من صيام الدهر ما نقصه بالفطر في الأيام المحرم صومها و هي ستة أيام يوم الفطر و يوم النحر و ثلاثة أيام التشريق و يوم السادس عشر من شعبان يجبر بهذه الستة الأيام ما نقص بأيام تحريم الصوم فيها و الاعتبار الآخر و هو المعتمد عليه في صوم هذه الأيام من كونها ستة لا غير إن اللّٰه تعالى ﴿خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ﴾ [الفرقان:59] و «كنا نحن المقصود بذلك الخلق فأظهر في هذه الستة الأيام من أجلنا ما أظهر من المخلوقات كما ورد في الخبر» فكان سبحانه لنا في تلك الأيام فجعل لنا صوم هذه الستة الأيام في مقابلة تلك لأن نكون فيها متصفين بما هو له و هو الصوم كما اتصف هو بما هو لنا و هو الخلق
[أحمد السيتى بن هارون الرشيد]
و لهذا كان أحمد السبتي ابن أمير المؤمنين هارون الرشيد يصوم ستة أيام من كل جمعة و يشتغل بالعبادة فيها فإذا كان يوم السبت احترف فيما يأكله بقية الأسبوع و بهذا سمي السبتي فلقيته بالطواف يوم جمعة بعد الصلاة و أنا أطوف فلم أعرفه غير أني أنكرته و أنكرت حالته في الطواف فإني ما رأيته يزاحم و لا يزاحم و يخترق الرجلين و لا يفصل بينهما فقلت هذا روح تجسد بلا شك فمسكته و سلمت عليه فرد علي السلام و ماشيته و وقع بيني و بينه كلام و مفاوضة فكان منها إني قلت لم خصصت يوم السبت بعمل الحرفة فقال لأن اللّٰه سبحانه ابتدأ خلقنا يوم الأحد و انتهى الفراغ منه في يوم الجمعة فجعلت تلك الأيام لي عبادة لله تعالى لا أشتغل فيها بما فيه حظ لنفسي فإذا كان يوم السبت انفردت لحظ نفسي فاحترفت في طلب ما أتقوت به في تلك الأيام هكذا كل جمعة فإنه سبحانه نظر إلى ما خلق في يوم السبت فاستلقى و وضع إحدى يديه على الأخرى و قال أنا الملك لظهور الملك و لهذا سمي يوم السبت و السبت الراحة و لهذا أخبر تعالى أنه ما مسه من لغوب : فيما خلقه و اللغوب الإعياء فهي راحة لا عن إعياء كما هي في حقنا فتعجبت من فطنته و قصده فسألته من كان قطب الزمان في وقتك فقال أنا ثم ودعني و انصرف فلما جئت المكان الذي أقعد فيه للناس فقال لي رجل من أصحابي من المجاورين يقال له نبيل بن خزر بن خزرون السبتي من أهل سبتة إني رأيت رجلا غريبا لا نعرفه بمكة يكلمك و يحادثك في الطواف من كان و من أين جاء فذكرت له قصته فتعجب الحاضرون من ذلك
[علم الحكمة في الأشياء و أهل اللّٰه]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية