﴿فَلَمّٰا آتٰاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَ تَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [التوبة:76] فوصفهم بعدم قبول حكم اللّٰه فأطلق عليهم صفة البخل لمنعهم ما أوجب اللّٰه عليهم في أموالهم ثم فسر العذاب الأليم بما هو الحال عليه فقال تعالى ﴿يَوْمَ يُحْمىٰ عَلَيْهٰا فِي نٰارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوىٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ﴾ [التوبة:35]
[جزاء مانعى الزكاة]
و ذلك أن السائل إذا رآه صاحب المال مقبلا إليه انقبضت أسارير جبينه لعلمه أنه يسأله من ماله فتكوى جبهته فإن السائل يعرف ذلك في وجهه ثم إن المسئول يتغافل عن السائل و يعطيه جانبه كأنه ما عنده خبر منه فيكوي بها جنبه فإذا علم من السائل أنه يقصده و لا بد أعطاه ظهره و انصرف فأخبر اللّٰه أنه تكوى بها ظهورهم فهذا حكم مانعي الزكاة أعني زكاة الذهب و الفضة و أما زكاة الغنم و البقر و الإبل فأمر آخر «كما ورد في النص أنه يبطح لها بقاع قرقر فتنطحه بقرونها و تطأه بأظلافها و تعضه بأفواهها» فلهذا خص الجباة و الجنوب و الظهور بالذكر في الكي و اللّٰه أعلم بما أراد
[شرع اللّٰه الزكاة طهارة للأموال]
فأنزل اللّٰه الزكاة كما قلنا طهارة للأموال و إنما اشتدت على الغافلين الجهلاء لكونهم اعتقدوا أن الذي عين لهؤلاء الأصناف ملك لهم و أن ذلك من أموالهم و ما علموا إن ذلك المعين ما هو لهم و إنه في أموالهم لا من أموالهم فلا يتعين لهم إلا بالإخراج فإذا ميزوه حين ذلك يعرفون أنه لم يكن من مالهم و إنما كان في مالهم مدرجا هذا هو التحقيق و كانوا يعتقدون أن كل ما بأيديهم هو مالهم و ملك لهم فلما أخبر اللّٰه أن لقوم في أموالهم حقا يؤدونه و ما له سبب ظاهر تركن النفس إليه لا من دين و لا من بيع إلا ما ذكر اللّٰه تعالى من ادخار ذلك له ثوابا إلى الآخرة شق ذلك على النفوس للمشاركة في الأموال
[المال مال اللّٰه و الإنسان مستخلف فيه]
و لما علم اللّٰه هذا منهم في جبلة نفوسهم أخرج ذلك القدر من الأموال من أيديهم بل أخرج جميع الأموال من أيديهم فقال تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية