فيجب على العلماء بالله طهارة قلب هذا الميت و غسله باليقين و الطمأنينة حتى يتنظف قلبه فيجب غسل المشرك و من رأى أن مثل هذا الشرك لا يقدح في الايمان بالرزق و يقول إنما اضطرب بالطبع لكون الحق ما عين الوقت و لا المقدار منه
[إن اللّٰه بحكمته ربط المسببات بالأسباب]
فاعلم إن اللّٰه بحكمته قد ربط المسببات بالأسباب و أن ذلك الاضطراب ما هو عن تهمة من المؤمن في حق اللّٰه و أنه ربما لا يرزقه و إنما ذلك الاضطراب اضطراب البشرية و الإحساس بألم الفقد و عدم الصبر فإن اللّٰه قد أعلمه أنه يرزقه و لا بد سواء كان كافرا أو مؤمنا لكونه حيوانا فقال تعالى ﴿وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّٰ عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا﴾ و لكن ما قال له متى و لا من أين فما عين الزمان و لا السبب بل أعلمه أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها
[الموت فزع للمؤمن و العارف و الكافر]
فما يدري عند فقد السبب المعتاد لحصول الرزق عند وجوده هل فرغ و جاء أجله أم لا فيكون فزعه و اضطرابه من الموت فإن الموت فزع إما للمؤمن فلما قدم من إساءة و إما للعارف فللحياء من اللّٰه عند القدوم عليه و الكافر لفقد المألوفات فالصورة في الخوف واحدة و الأسباب مختلفة
و من لم يمت بالسيف مات بغيره *** تنوعت الأسباب و الداء واحد
[التعوذ من الجوع و الوقاية من المرض]
و إن كان لم يفرغ رزقه في علم اللّٰه فيكون اضطرابه لجهله بوقت حصول الرزق كما قدمنا بانقطاع السبب فيخاف من طول المدة و ألم الجوع المتوقع و الحاجة الداعية له إلى الوقوف فيه لمن لا يسهل عليه الوقوف بين يديه في ذلك لعزة نفسه عنده و «قد كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يتعوذ من الجوع و يقول إنه بئس الضجيع» فإنه بلاء من اللّٰه يحتاج من قام به إلى صبر و لا علم له هل يرزقه اللّٰه الصبر عند ذلك أم لا فإن القليل من عباد اللّٰه من يرزقه اللّٰه الصبر عند البلاء و لهذا شرع التطبب لسكون النفس و خور الطبيعة بالاستناد إلى سبب حصول الصحة المتوهمة و هو اختلاف الطبيب إليه
[أسباب البلاء و بشرى الصابرين]
قال تعالى ﴿وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوٰالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَرٰاتِ﴾ [البقرة:155]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية