و هي إشارة إلى إقامة العدل فإن الإنسان بروحه ملك مدبر لما ولاة اللّٰه عليه من هذه النشأة الذي أشار إليه بالبلد الأمين لكونه أما جامعة مثل مكة التي هي أم القرى و الفاتحة أم الكتاب فلا بد من فروض الأحكام لإقامة العدل في العبادات التي خوطب بها جماعة الجوارح فاجتماع الهم على ذلك واجب ظاهرا و باطنا فمن رأى مثل هذا يكبر بعد الإقامة و استواء الصفوف كأنه يقول اللّٰه أكبر من أن يتقيد تكبيره بمثل هذه الصفة لإحاطته إطلاقا بكل حال و وجه فإنه ﴿أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ [ طه:50] فإنه ﴿عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام:39] فلما كلف عباده بالمشي على صراط خاص عينه لهم كان من عدل إليه سعد و من عدل عنه شقي و من راعى المسارعة إلى الخيرات و السباق إلى المناجاة كبر عند سماعه حي على الصلاة في الإقامة إلا أن يكون هو المقيم فلا يتمكن له حتى يفرغ من لا إله إلا اللّٰه و حينئذ يكبر و إنما قلنا يبادر بالتكبير الإقامة و هو قول المؤذن قد قامت الصلاة ليصدق المؤذن في قوله قد قامت الصلاة لأنه جاء بلفظ الفعل الماضي فيبني صلاته على قاعدة صدق فيفوز في الثواب ب ﴿مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر:55] ﴿فِي جَنّٰاتٍ وَ نَهَرٍ﴾ [القمر:54]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية