إذا وفى الناظر النظر حقه أصاب العجز عن الإدراك فاعتقده و ما ثم إلا العجز فالحق عند اعتقاد كل معتقد بعد اجتهاده يقول تعالى ﴿وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ﴾ [المؤمنون:117] فافهم كما هو عند ظن عبده به إلا أن المراتب تتفاضل و اللّٰه أوسع و أجل و أعظم أن ينحصر في صفة تضبطه فيكون عند واحد من عباده و لا يكون عند الآخر يأبى الاتساع الإلهي ذلك فإن اللّٰه يقول ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4] و ﴿فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ﴾ [البقرة:115] و وجه كل شيء حقيقته و ذاته فإنه سبحانه لو كان عند واحد أو مع واحد و لا يكون عند آخر و لا معه كان الذي ليس هو عنده و لا معه يعبد و همه لا ربه و اللّٰه يقول ﴿وَ قَضىٰ رَبُّكَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ﴾ [الإسراء:23] أي حكم و من أجله عبدت الآلهة فلم يكن المقصود بعبادة كل عابد إلا اللّٰه فما عبد شيء لعينه إلا اللّٰه و إنما أخطأ المشرك حيث نصب لنفسه عبادة بطريق خاص لم يشرع له من جانب الحق فشقي لذلك فإنهم قالوا في الشركاء ﴿مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ﴾ [الزمر:3] فاعترفوا به و ما يتصور في العالم من أدنى من له مسكة من عقل التعطيل على الإطلاق و إنما معتقد التعطيل إنما هو يعطل صفة ما اعتقدها المثبت فمن استقبل عين البيت إن كان يبصره أو الجهة إن غاب عنه بوجهه و استقبل ربه في قبلته كما شرع له في قلبه و حسه في خياله إن ضعف عن تعليق العلم به من حيث ما يقتضيه جلاله فإن المصلي و إن واجه الحق في قبلته كما ورد في النص فإنه كما قال ﴿مِنْ وَرٰائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [البروج:20] فهو السابق و الهادي فهو سبحانه الذي نواصي الكل بيده الهادي إلى صراط مستقيم و الذي يسوق ﴿اَلْمُجْرِمِينَ إِلىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً﴾ [مريم:86]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية