﴿اِلْتَفَّتِ السّٰاقُ بِالسّٰاقِ﴾ [القيامة:29] أي دخلت الأهوال و الأمور العظام بعضها في بعض يوم القيامة
[التوحيد العقلي و التوحيد الشرعي و دخول الجنة]
فإذا وقعت الشفاعة و لم يبق في النار مؤمن شرعي أصلا و لا من عمل عملا مشروعا من حيث ما هو مشروع بلسان نبي و لو كان ﴿مِثْقٰالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ﴾ [الأنبياء:47] فما فوق ذلك في الصغر إلا خرج بشفاعة النبيين و المؤمنين و بقي أهل التوحيد الذين علموا التوحيد بالأدلة العقلية و لم يشركوا بالله شيئا و لا آمنوا إيمانا شرعيا و لم يعملوا خيرا قط من حيث ما اتبعوا فيه نبيا من الأنبياء فلم يكن عندهم ذرة من إيمان فما دونها فيخرجهم أرحم الراحمين و ما عملوا خيرا قط يعني مشروعا من حيث ما هو مشروع و لا خير أعظم من الايمان و ما عملوه و هذا «حديث عثمان بن عفان في الصحيح لمسلم بن الحجاج قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من مات و هو يعلم و لم يقل يؤمن أنه لا إله إلا اللّٰه دخل الجنة» و لا قال يقول بل أفرد العلم ففي هؤلاء تسبق عناية اللّٰه في النار فإن النار بذاتها لا تقبل تخليد موحد لله بأي وجه كان و أتم وجوهه الايمان عن علم فجمع بين العلم و الايمان فإن قلت فإن إبليس يعلم أن اللّٰه واحد قلنا صدقت و لكنه أول من سن الشرك فعليه إثم المشركين و إثمهم إنهم لا يخرجون من النار هذا إذا ثبت أنه مات موحدا و ما يدريك لعله مات مشركا لشبهة طرأت عليه في نظره و قد تقدم الكلام على هذه المسألة فيما مضى من الأبواب فإبليس ليس بخارج من النار فالله يعلم أي ذلك كان و هنا علوم كثيرة و فيها طول يخرجنا عن المقصود من الاختصار إيرادها و لكن مع هذا فلا بد أن نذكر نبذة من كل موطن مشهور من مواطن القيامة كالعرض و أخذ الكتب و الميزان و الصراط و الأعراف و ذبح الموت و المأدبة التي تكون في ميدان الجنة فهذه سبعة مواطن لا غير و هي أمهات للسبعة الأبواب التي للنار و السبعة الأبواب التي للجنة فإن الباب الثامن هو لجنة الرؤية و هو الباب المغلق الذي في النار و هو باب الحجاب فلا يفتح أبدا فإن أهل النار محجوبون عن ربهم
[وصل الموطن السبعة الأمهات يوم القيامة]
[الموطن] الأول و هو العرض
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية