فتحقق هذه المسألة و تفرغ إليها فإنها غامضة جدا في مسائل الحيرة لا يهتدي إليها عقل على الحقيقة من حيث فكره بل بكشف إلهي نبوي
[التفاضل بين بني آدم و بين الملائكة]
ثم نرجع و نقول إن جماعة من أصحابنا غلطت في هذه المسألة لعدم الكشف فقالت بطريق القوة و لفكر الفاسد إن الكامل من بنى آدم أفضل من الملائكة عند اللّٰه مطلقا و لم تقيد صنفا و لا مرتبة من المراتب التي تقع عليها الفضلية لمن هو فيها على غيره ثم عللت فقالت إن لبني آدم الترقي مع الأنفاس و ليس للملائكة هذا فإنها خلقت في مقامها و ما علمت الجماعة القائلة بهذا هذه الحقيقة التي نبهنا عليها و الصحيح الترقي أن لنا و للملائكة و لغيرهم و هو لازم للكل دنيا و برزخا و آخره هذا لكل متصف بالموت في العلم أ لا ترى الملائكة مع كونها لها مقامات معلومة لا تتعداها و ما حرمت مزيد العلم فإن اللّٰه قد عرفنا أنه علمهم الأسماء على لسان آدم عليه السلام فزادهم علما إلهيا لم يكن عندهم بالأسماء الإلهية فسبحوه و قدسوه بها فساوتنا الملائكة في الترقي بالعلم لا بالعمل كما لا نترقى نحن بأعمال الآخرة لزوال التكليف فنحن و إياهم على السواء في ذلك في الآخرة فما ارتقينا نحن في الدنيا إلى المقام الذي قبضنا عليه و هو المقام الذي خلق فيه غيرنا ابتداء لشرفنا على غيرنا و إنما كان ذلك ليبلونا لا غير فلم يفهم القائلون بذلك ما أراده اللّٰه مع وجود النصوص في القرآن مثل قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية