ثم إنه ليس في العبادات ما يلحق العبد بمقامات المقربين و هو أعلى مقام أولياء اللّٰه من ملك و رسول و نبي و ولي و مؤمن إلا الصلاة قال تعالى ﴿وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ﴾ [العلق:19] فإن اللّٰه في هذه الحالة يباهي به المقربين من ملائكته و ذلك أنه يقول لهم يا ملائكتي أنا قربتكم ابتداء و جعلتكم من خواص ملائكتي و هذا عبدي جعلت بينه و بين مقام القربة حجبا كثيرة و موانع عظيمة من أغراض نفسية و شهوات حسية و تدبير أهل و مال و ولد و خدم و أصحاب و أهوال عظام فقطع كل ذلك و جاهد حتى سجد و اقترب فكان من المقربين فانظروا ما خصصتكم به يا ملائكتي من شرف المقام حيث ما ابتليتكم بهذه الموانع و لا كلفتكم مشاقها فاعرفوا قدر هذا العبد و راعوا له حق ما قاساه في طريقه من أجلي فيقول الملائكة يا ربنا لو كنا ممن يتنعم بالجنان و تكون محلا لإقامتنا أ لست كنت تعين لنا فيه منازل تقتضيها أعمالنا ربنا نحن نسألك أن تهبها لهذا العبد فيعطيه اللّٰه ما سألته فيه الملائكة فانظروا ما أشرف الصلاة و أفضل ما فيها ذكر اللّٰه من الأقوال و السجود من الأفعال و من أقوالها سمع اللّٰه لمن حمده فإنه من أفضل أحوال العبد في الصلاة للنيابة عن الحق «فإن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده» يقول تعالى ﴿إِنَّ الصَّلاٰةَ تَنْهىٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ﴾ [ العنكبوت:45]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية