وصايا الشيخ الأكبر
وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة
وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية
(وصية)
![]() |
![]() |
(وصية)
(وصية)
إذا صليت فلا ترفع بصرك إلى السماء فإنك لا تدري يرجع إليك بصرك أم لا وليكن نظرك إلى موضع سجودك أو قبلتك وحافظ على تسوية الصف في الصلاة وإذا رأيت من برز بصدره عن الصف رده إليه واحذر أن تأتي أمرا إلا عن بصيرة وعلم ولا تدخل في عمل لا تعرف حكمه عند الله وأد الحقوق في الدنيا فإنه لا بد من أدائها فإن أديتها هنا شكر الله فعلك وأفلحت وعليك بمخالفة أهل الكتاب وكل من ليس على دينك ولو كان خيرا فاطلب على ذلك في الشرع فإذا وجدته مجملا أو معينا فاعمل به من حيث ما هو مشروع لك تكن مؤمنا وإذا رأيت ما تنكره ولا تعرفه فسلمه إلى صاحبه ولا تعترض عليه فإن الله ما ألزمك إلا بما تعرف حكم الله فيه فتحكم فيه بحكم الله ولا تنظر إلى إنكارك فيه مع عدم علمك به فقد يكون ذلك الإنكار من الشيطان وأنت لا تعرف ورأيت كثيرا من الناس يقعون في مثل هذا وإياك والاعتداء في الدعاء والطهور فإن ذلك مذموم وليس بعبادة ومثل الاعتداء في الدعاء أن تدعو بقطيعة رحم وشبه ذلك والاعتداء في الطهور الإسراف في الماء والزيادة على الثلاث في الوضوء وإذا توضأت فاعزم أن تجمع بين مسح رجليك وغسلهما فإنه أولى ولا تترك شيئا من سنن الوضوء فإن من سننه ما فيه خلاف بين وجوبه وعدم وجوبه كالمضمضة والاستنشاق والاستنثار وإذا صليت فاسكن في صلاتك ولا تلتفت يمينا وشمالا ولا تعبث بلحيتك في الصلاة ولا بشيء من ثيابك ولا تشتمل الصماء في الصلاة وليكن ظهرك مستويا في ركوعك ولا تذبح كما تذبح الحمار واحذر أن تكون مكاسا وهو العشار أو مدمن خمر أو مصرا على معصية وإياك والغلول والربا وعليك بالدعاء بين الأذان والإقامة وعليك بذكر لفظة الله الله من غير مزيد فإن نتيجة هذا الذكر عظيمة قلت لبعض الحاضرين مع الله من شيوخنا وكان ذكره الله الله من غير مزيد فقلت له لم لا تقول لا إله إلا الله أطلب بذلك الفائدة منه فقال لي يا ولدي أنفاس المتنفس بيد الله ما هي بيدي وكل حرف نفس فنخاف إذا قلت لا أريد لا إله إلا الله فربما يكون النفس بلا آخر نفسي فأموت في وحشة النفي وكلمة الله فيها من الفائدة ما لا يكون في غيرها فإنه ما ثم كلمة تحذف منها حرفا فحرفا إلا ويختل ما بقي إلا هذه الكلمة كلمة الله فلو زال الألف بقي لله كلمة مفيدة ولو زالت
اللام الأولى بقي له وقد قال لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ وقال لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والْأَرْضِ فلو زال اللامان والألف بقي إلها وهو قولك هو وقد جاء هو الله وفي غير هذه الكلمة فيما أظن ما تجد غير هذا وكان رجلا أميا من عامة الناس وكان نظره مثل هذا واعتباره وعليك بالتباهي في الأمور الدينية وتزيين المصاحف والمساجد ولا تنظر إلى قول الشارع في ذلك أنه من أشراط الساعة كما يقول من لا علم له فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما ذم ذلك وما كل علامة على قرب الساعة تكون مذمومة بل ذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم للساعة أمورا ذمها وأمورا حمدها وأمورا لا حمد فيها ولا ذم فمن علامات الساعة المذمومة أن يعق الرجل أباه ويبر صديقه وارتفاع الأمانة ومن المحمودة التباهي في المسجد وزخرفتها فإن ذلك من تعظيم شعائر الله ومما يغيظ الكفار ومما ليس بمحمود ولا مذموم كنزول عيسى عليه السلام وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة فهذه من علامات الساعة ولا يقترن بها ذم ولا حمد لأنها ليست من فعل المكلف وإنما يتعلق الذم والحمد بفعل المكلف فلا تجعل علامات الساعة من الأمور المذمومة كما يفعله من لا علم له ورأيت من القائلين بذلك كثيرا وحافظ على الصف الأول في الصلاة ما استطعت فإنه
قد ثبت لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار
وإذا دعوت الله فلا تستبطئ الإجابة ولا تقل إن الله ما استجاب لي فإنه الصادق وقد قال أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فقد أجابك إن كان سمع إيمانك مفتوحا فقد سمعتهم وإلا فاتهم إيمانك بذلك فإن دعوت بإثم أو قطيعة رحم فإن مثل هذا الدعاء لا يستجيب الله لصاحبه فإنه تعالى قد شرع لنا ما ندعوه فيه وهذا هو الاعتداء في الدعاء وإن الله يستجيب للعبد ما لم يقل العبد الداعي لم يستجب لي فإنه إذا قال لم يستجب لي فقد كذب الله في قوله أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ ومن كذب الله فليس بمؤمن وله الويل مع المكذبين إلا أن يتوب وعليك إذا لم تواصل صومك بتعجيل الفطر وتأخير أكلة السحور وأما العبد إذا صلى أقبل الله عليه في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت أعرض الله عنه وكان لما التفت إلا إذا التفت لأمر مشروع ليقيم بذلك الالتفات أمرا يختص بالصلاة كالتفات أبي بكر لما سبح به عند مجيء رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فذلك ما أعرض عن الله واجتنب دخول المسجد إن كنت جنبا وقراءة القرآن ومس المصحف وكذلك الحائض فإنه أخرج عن الخلاف وكلما قدرت أن لا تفعل فعلا إلا ما يكون الإجماع عليه فهو أولى ما لم تضطر إليه مثل اجتناب أكل ثمن الكلب وكسب الحجام وحلوان الكاهن ومهر البغي ولا تقبل صدقة إن كنت ذا غنى أو قادرا على الكسب وإياك أن تتقدم على قوم إلا بإذنهم ولا تروع مسلما بما يروعه منك أي شيء كان وعليك بمجالس الذكر ولا تتصدق إلا بطيب أعني بحلال وإن كنت مجاورا بالمدينة فلا يخرجنك منها ما تلقاه من الشدة فيها من الغلاء واللأواء ولا ترد أهل المدينة بسوء بل ولا مسلم أصلا وإذا أصبت من جهة فاجتنبها وانظر في محاسن الناس ولا تنظر من إخوانك من المؤمنين إلا محاسنهم فإنه ما من مسلم إلا وفيه خلق سيئ وخلق حسن فانظر إلى ما حسن من أخلاقه ودع عنك النظر فيما يسوء من أخلاقه وإذا صليت فأقم صلبك في الركوع والسجود واشكر الله على قليل النعم كما تشكره على كثيرها ولا تستقلل من الله شيئا من نعمه ولا نكن لعانا ولا سبابا وإياك وبغض من ينصر الله ورسوله أو يحب الله ورسوله ولقد رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم سنة تسعين وخمسمائة في المنام بتلمسان وكان قد بلغني عن رجل أنه يقع في الشيخ أبي مدين وكان أبو مدين من أكابر
العارفين وكنت أعتقد فيه وكنت فيه على بصيرة فكرهت ذلك الشخص لبغضه في الشيخ أبي مدين فقال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لم تكره فلانا فقلت لبغضه في أبي مدين فقال لي أ ليس يحب الله ويحبني فقلت له بلى يا رسول الله إنه يحب الله ويحبك فقال لي فلم بغضته لبغضه أبا مدين وما أحببته لحبه الله ورسوله فقلت له يا رسول الله من الآن إني والله زللت وغفلت والآن فأنا تائب وهو من أحب الناس إلي فلقد نبهت ونصحت صلى الله عليك فلما استيقظت أخذت معي ثوبا له ثمن كثير أو نفقة لا أدري وركبت وجئت إلى منزله فأخبرته بما جرى فبكى وقبل الهذية وأخذ الرؤيا تنبيها من الله فزال عن نفسه كراهته في أبي مدين وأحبه فأردت أن أعرف سبب كراهته في أبي مدين مع قوله بأن أبا مدين رجل صالح فسألته فقال كنت معه ببجاية فجاءته ضحايا في عيد الأضحى فقسمها على أصحابه وما أعطاني
منها شيئا فهذا سبب كراهتي فيه ووقوعي والآن قد تبت فانظر ما أحسن تعليم النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فلقد كان رفيقا رقيقا وإذا استرعاك الله رعية مسلمين أو أهل ذمة فإياك إن تغشهم ولا تضمر لهم سوء وانظر فيما أوجب الله عليك من الحقوق لهم فأدها إليهم وعاملهم بها ظاهرا وباطنا سرا وعلانية ولا تجعل ذميا خصمك يوم القيامة وإذا رأيت من أحد حالة سيئة يطلب أن تستر عليه فاستره فيها ولو لم يرد الستر فاسترها أنت عليه على كل حال وإذا أكلت طعاما فلا تأكل أكل الجبارين متكئا وكل كما يأكل العبد فاتك عبد على مائدة سيدك فتأدب وإذا رأيت من يطلب ولاية عمل فلا تسع له في ذلك فإن الولاية مندمة وحسرة في الآخرة وقد أمرك الله بالنصيحة وإذا رأيت قوما ولوا أمرهم امرأة فلا تدخل معهم في ذلك
![]() |
![]() |





