Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(وصية)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(وصية)

(وصية)

واحذر أن تكفر أحدا من أهل القبلة بذنب فقد ثبت أنه من قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه ومعنى الرجوع عليه أنه هو الكافر فإنه من كفر مسلما لإسلامه فهو كافر يقول الله تعالى وإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ فقال الله تعالى فيهم أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ والسفيه هو الضعيف الرأي يقولون إنهم ما آمنوا إلا لضعف رأيهم وعقلهم فجاز ذلك عليهم لقول الله أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ أي هم الذين ضعفت آراؤهم فحال ذلك الضعف بينهم وبين الايمان ولكن لا يعلمون فتحفظ من الكلام القبيح وهو أن تنسب صفة مذمومة لأخيك المؤمن وإن كانت فيه لا في حضوره ولا في غيبته فإنك إن واجهته بذلك فقد عيرته فما تأمن أن يعافيه الله من تلك الصفة ويبتليك بها وقد ورد لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك وإن كان غائبا فهي غيبة وقد نهاك الله عن الغيبة فإنك إذا ذكرته بأمر هو فيه مما يسوؤه لو قابلته به فقد اغتبته وإن نسبت إليه من القبيح ما ليس فيه فذلك البهتان ولا بد أن تجني ثمرة غرسك إلا أن يعفو الله بإرضاء الخصم وإن يعود عليك وبال ما نسبته إلى أخيك المؤمن مما ليس هو عليه وكذلك خداع المؤمن فلا تكن ممن يخادع الله فإنك إن اعتقدت ذلك كنت من الجاهلين بالله حيث تخيلت إنك تلبس على الحق وأَنَّ الله لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ من الْخاسِرِينَ وإن خادعت المؤمن فما تخادع إلا نفسك كما قال تعالى يُخادِعُونَ الله والَّذِينَ آمَنُوا وما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وما يَشْعُرُونَ في خداعهم الذين آمنوا فإنهم مؤمنون أيضا بالباطل قال تعالى والَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ فوصفهم بالإيمان بالباطل وقال في حديث الأنواء فيمن قال مطرنا بنوء كذا إنه كافر بي مؤمن بالكوكب‏

فهذا قوله وما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ في خداعهم الذين آمنوا وأما في خداعهم الله فإن الله هُوَ خادِعُهُمْ بخداعهم أي هو خداع الله بهم لكونهم اعتقدوا أنهم يخادعون الله فإياك والجهل فإنه أقبح صفة يتصف بها الإنسان فإن كنت يا ولي ذا زوجة فأوصها بل لا تتركها ولا أختا ولا بنتا ولا أي امرأة كانت ممن تحكم عليها أو تعلم أنها تسمع منك فانصحها كانت من كانت أن لا تستعطر إذا خرجت بطيب يكون له ريح فإنه‏

قد ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه قال أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية

وقد ورد مقيدا في ذلك أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الاخيرة

وذلك لأن الليل آفاته كثيرة والظلمة ساترة وما تدري إذا أصاب الرجل ريحها الطيب في طريق المسجد ما يلقي منه إذا لم يتق الله فلهذا نهاها رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عن شهود العشاء

الآخرة وبالجملة فلا ينبغي للمرأة أن تخرج بطيب له رائحة لا في ليل ولا في نهار وإياك والاستهزاء والسخرية بأهل الله استهزاء بدين الله ولا تتخذهم ضحكة فإن وبال ذلك يعود عليك يوم القيامة فيسخر الله منك ويستهزئ بك وهو أن يريك بالفعل ما فعلته أنت هنا أعني في الدنيا بالمؤمن إذا لقيته تقول أنا معك على طريق الهزء به والسخرية منه فإذا كان يوم القيامة يجازيك الله عدلا بقدر ما تراءيت به للمؤمنين من الإقبال عليهم والايمان بما هم عليه أهل الله عز وجل وقد رأينا على ذلك جماعة من المدرسين الفقهاء يسخرون بأهل الله المنتمين إلى الله المخبرين عن الله بقلوبهم ما يرد عليهم من الله فيها فيأمر من هذه صفته إلى الجنة حتى ينظر إلى ما فيها من الخير فيسرون كما يسر أهل الله في حال استهزاءهم بهم ويتخيلون أنهم صادقون فيما

يظهرون به إليهم فإذا وفى الله جزاء عملهم وانفهقت لهم الجنة بخيرها أمر الله بهم أن يصرفوا عنها إلى النار فتصرفهم الملائكة إلى النار فذلك استهزاء الله بهم كما إن هؤلاء المنافقين لما رجعوا إلى أهليهم قالوا إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ وقال سَخِرُوا مِنْهُ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا من الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ كما كانوا في الدنيا يضحكون من المؤمنين لايمانهم وكذلك بعض المؤمنين يضحكون من أهل الله في الدنيا ولا سيما الفقهاء إذا رأوا العامة على الاستقامة يتحدثون بما أنعم الله عليهم في بواطنهم يضحكون منهم ويظهرون لهم القبول عليهم وهم في بواطنهم على خلاف ذلك فلا أقل يا أخي إذا لم يكن منهم أن تسلم لهم أحوالهم فإنك ما رأيت منهم ما ينكره دين الله ولا ما يرده العلم الصحيح النقلي والعقلي إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا من الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ هكذا والله رأيت فقهاء الزمان مع أهل الله يتغامزون عليهم ويضحكون منهم ويظهرون القبول عليهم وهم على غير ذلك فاحذر من هذه الصفة ومن صحبة من هذه صفته لئلا يسرقك الطبع فما أعظم حسرتهم يوم القيامة فهم الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى‏ والْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ والْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وما كانُوا مُهْتَدِينَ‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!