The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(وصية)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(وصية)

(وصية)

وإن كنت واليا فاقض بالحق بين الناس ولا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله وسبيل الله هو ما شرعه لعباده في كتبه وعلى ألسنة رسله الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ يعني به والله أعلم يوم الدنيا حيث لم يحاسبوا نفوسهم فيه فإن النسيان الترك‏

يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا

ولقد أشهدني الله في هذا مشهدا عظيما بإشبيلية سنة ست وثمانين وخمسمائة ويوم الدنيا أيضا هو يوم الدين أي يوم الجزاء لما فيه من إقامة الحدود لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وهذا عين الجزاء وهو أحسن في حق العبد المذنب من جزاء الآخرة لأن جزاء الدنيا مذكر وهو يوم عمل والآخرة ليست كذلك ولهذا قال في الدنيا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني إلى الله بالتوبة فيوم الجزاء أيضا يوم الدنيا كما هو يوم الآخرة وهو في يوم الدنيا أنفع فاقض بالحق فإن الله قد قضى في الدنيا بالحق بما شرعه لعباده وفي الآخرة بما قال فإن القضاة في الدنيا ثلاث واحد في الجنة واثنان في النار والذي أوصيك به إذا فتح الله عين بصيرتك ورزقك الرجوع إليه المسمى توبة فانظر أي حالة أنت عليها من الخير لا تزل عنها إن كنت واليا أثبت على ولايتك وإن كنت عزبا أثبت على ذلك وإن كنت ذا زوجة فلا تطلق واثبت على ذلك مع أهلك واشرع في العمل بتقوى الله في الحالة التي أنت عليها من الخير كانت ما كانت فإن لله في كل حال باب قربة إليه تعالى فاقرع ذلك الباب يفتح لك ولا تحرم نفسك خيره وأقل الأحوال إنك في الحال التي كنت عليها في زمان مخالفتك إذا ثبت عليها عند توبتك تحمدك تلك الحالة فإن فارقتها كانت عليك لا لك فإنها ما رأت منك خيرا وهذا معنى دقيق لطيف لا ينتبه له كل أحد فإنها لا تشهد لك إلا بما رأته منك فإذا رأت منك خيرا شهدت لك به ولا يفوتك ما ذكرته لك من نيل ما فيها من الخير المشروع وأعني بذلك كل حال أنت عليها من المباحات فإن توبتك إنما كان رجوعك عن المخالفات وإياك أن تتحرك بحركة إلا وأنت تنوي فيها قربة إلى الله حتى المباح إذا كنت في أمر مباح فانو فيه القربة إلى الله من حيث إيمانك به أنه مباح ولذلك أتيته فتؤجر فيه ولا بد حتى المعصية إذا أتيتها انو المعصية فيها فتؤجر على الايمان بها إنها معصية ولذلك لا تخلص معصية المؤمن أبدا من غير أن يخالطها عمل صالح وهو الايمان بكونها معصية وهم من الذين قال الله فيهم وآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً فهذا معنى المخالطة فالعمل الصالح هنا الايمان بالعمل الآخر السيئ أنه سيئ وعسى من الله واجبة فترجع عليهم بالرحمة

فيغفر لهم تلك المعصية بالإيمان الذي خلطها به فمتعلق عسى هنا رجوعه سبحانه عليهم بالرحمة لا رجوعهم إليه فإنه ما ذكر لهم توبة كما قال في موضع آخر ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا وهنا جاء بحكم آخر ما فيه ذكر توبتهم بل فيه توبة الله تعالى عليهم والذي أوصيك به إنك لا تنقل مجلسا ولا تبلغ ذا سلطان حديثا إلا خير أخرج الترمذي حديثا عن حذيفة أو غيره أنا الشاك إن رجلا مر عليه فقيل له عنه إن هذا يبلغ الأمراء الحديث‏

فقال سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يقول لا يدخل الجنة قتات‏

قال أبو عيسى والقتات النمام وإذا حدثك إنسان وتراه يلتفت يمينا وشمالا يحذر أن يسمع حديثه أحد فاعلم إن ذلك الحديث أمانة أودعك إياه فاحذر أن تخونه في أمانته بأن تحدث بذلك عند أحد فتكون ممن أدى الأمانة إلى غير أهلها فتكون من الظالمين وقد ثبت أن المجالس بالأمانة وأما وصيتي لك أن لا تبلغ ذا سلطان حديثا بشر فإن ذلك نميمة قال تعالى في ذمه مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ومن الوصايا الحذر من الطعن في الأنساب فلا تحل بين شخص وبين أبيه صاحب الفراش فإن ذلك كفر بنص الشارع فيه وعليك بمراعاة الأوقات في الدعاء مثل الدعاء عند الأذان وعند الحرب وعند افتتاح الصلاة فإن المطلوب من الدعاء إنما هو الإجابة فيما وقع السؤال فيه من الله وأسباب القبول كثيرة وتنحصر في الزمان والمكان والحال ونفس الكلمة التي تذكر الله بها من الذكر حين تدعوه في مسألته فإنه إذا اقترن واحد من هذه الأربعة بالدعاء أجيب الدعاء وأقوى هذه الأربعة الاسم ثم الحال وعليك بمراعاة حق الله وحق الخلق أن توجه لهم عليك حق فإن الله يؤتيك أجرك مرتين من حيث ما أديته من حقه ومن حيث ما أديت من حق من تعين عليك له حق من خلق الله وإن كانت لك جارية فأدبتها وأحسنت أدبها فإن لك في ذلك أجرا عظيما ثم إن أعتقتها فلك في العتق الأجر العظيم العام لذاتك فإن تزوجت بها فلك أجر آخر أعظم من أنك لو تزوجت بغيرها فإذا رأيت غازيا فأعنه بطائفة من مالك وكذلك المكاتب وكذلك الناكح يريد بنكاحه عصمة دينه والعفاف فإنك إذا فعلت ذلك وأعنتهم فإنك نائب الله في عونهم فإن عون هؤلاء حق على الله بنص الخبر فمن أعانهم فقد أدى عن الله ما أوجبه الله على نفسه لهم فيكون الله يتولى كرامته بنفسه فما دام المجاهد في سبيل الله مجاهدا بما أعنته عليه فإنك شريكه في الأجر ولا ينقصه شي‏ء وكذلك إعانة الناكح حتى أنه لو ولد له ولد فكان صالحا فإن لك في ولده وفي عقبه أجرا وافرا تجده يوم القيامة عند الله وهو أعظم من المكاتب والمجاهد فإن النكاح أفضل نوافل الخيرات وأقربه نسبة إلى الفضل الإلهي في إيجاده العالم ويعظم الأجر بعظم النسب‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!