[أغنى الأغنياء]
فأغنى الأغنياء من استغنى بالله عن الأغنياء بالله و لو لم يكن عنده قوت يومه مع أنه يحزن من جهة من كلفه اللّٰه النظر في تحصيل ما يقوم بهم و يقوتهم من أهله و ما يهتم بذلك إلا متشرع أديب عانق الأدب و عرف قدر ما شرع له من ذلك فإن طريق الأدباء طريق خفية لا يشعر بها إلا الراسخون في العلم المحققون بحقائق الفهم عن اللّٰه فكما إن اللّٰه ليس بغافل عما يحتاج إليه عباده كذلك أهل اللّٰه لا يغفلون عما قال لهم الحق احضروا معه و لا تغفلوا عنه فترى الكامل حريصا على طلب مئونة أهله فيتخيل المحجوب أن ذلك الحرص منه لضعف يقينه و كذلك في ادخاره و ليس ذلك منه إلا ليوفي الأدب حقه مع اللّٰه فيما حد له من الوقوف عنده فالعالم من لا يطفي نور علمه نور ورعه و لا يحول بينه و بين أدبه فمن تعدى ﴿حُدُودَ اللّٰهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1] و من ظلم نفسه كان لغيره أظلم أ لا ترى إلى ما في هذه الحضرة من العجب أن المشاهد غنى الحق الذي هو صفته في غنى العالم فلا يشهد إلا حقا و لا يكون القبول و الإقبال إلا على صفة حق كيف يعتب على ذلك من هو بهذه المثابة فقيل له أما من استغنى فأنت له تصدى و قد علم تعالى لما تصدى و لمن تصدى فإن اللّٰه ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:29]
فما تصدى لا بحق *** و لا تصدى إلا لحق
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية