المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 96]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
وقوله : ( فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ) أي : خالق الضياء والظلام ، كما قال في أول السورة : ( وجعل الظلمات والنور ) فهو سبحانه يفلق ظلام الليل عن غرة الصباح فيضيء الوجود ، ويستنير الأفق ، ويضمحل الظلام ، ويذهب الليل بدآدئه وظلام رواقه ، ويجيء النهار بضيائه وإشراقه ، كما قال تعالى ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا ) [ الأعراف : 54 ] ، فبين تعالى قدرته على خلق الأشياء المتضادة المختلفة الدالة على كمال عظمته وعظيم سلطانه ، فذكر أنه فالق الإصباح وقابل ذلك بقوله : ( وجاعل الليل سكنا ) أي : ساجيا مظلما تسكن فيه الأشياء ، كما قال : ( والضحى والليل إذا سجى ) [ الضحى : 1 ، 2 ] ، وقال ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) [ الليل : 1 ، 2 ] ، وقال ( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها ) [ الشمس : 3 ، 4 ] .
وقال صهيب الرومي رضي الله عنه لامرأته وقد عاتبته في كثرة سهره : إن الله جعل الليل سكنا إلا لصهيب ، إن صهيبا إذا ذكر الجنة طال شوقه ، وإذا ذكر النار طار نومه ، رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : ( والشمس والقمر حسبانا ) أي : يجريان بحساب مقنن مقدر ، لا يتغير ولا يضطرب ، بل كل منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء ، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولا وقصرا ، كما قال تعالى ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ) الآية [ يونس : 5 ] ، وكما قال : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) [ يس : 40 ] ، وقال ( والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ) [ الأعراف : 54 ] .
وقوله : ( ذلك تقدير العزيز العليم ) أي : الجميع جار بتقدير العزيز الذي لا يمانع ولا يخالف ، العليم بكل شيء ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، وكثيرا ما إذا ذكر الله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، يختم الكلام بالعزة والعلم ، كما ذكر في هذه الآية ، وكما في قوله : ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) [ يس : 37 ، 38 ] .
ولما ذكر خلق السماوات والأرض وما فيهن في أول سورة ( حم ) السجدة ، قال : ( وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ) [ فصلت : 12 ] .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
ولما ذكر تعالى مادة خلق الأقوات، ذكر منته بتهيئة المساكن، وخلقه كل ما يحتاج إليه العباد، من الضياء والظلمة، وما يترتب على ذلك من أنواع المنافع والمصالح فقال: { فَالِقُ الْإِصْبَاحِ } أي: كما أنه فالق الحب والنوى، كذلك هو فالق ظلمة الليل الداجي، الشامل لما على وجه الأرض، بضياء الصبح الذي يفلقه شيئا فشيئا، حتى تذهب ظلمة الليل كلها، ويخلفها الضياء والنور العام، الذي يتصرف به الخلق في مصالحهم، ومعايشهم، ومنافع دينهم ودنياهم. ولما كان الخلق محتاجين إلى السكون والاستقرار والراحة، التي لا تتم بوجود النهار والنور { جَعَلَ } الله { اللَّيْلَ سَكَنًا } يسكن فيه الآدميون إلى دورهم ومنامهم، والأنعام إلى مأواها، والطيور إلى أوكارها، فتأخذ نصيبها من الراحة، ثم يزيل الله ذلك بالضياء، وهكذا أبدا إلى يوم القيامة { و } جعل تعالى { الشمس وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا } بهما تعرف الأزمنة والأوقات، فتنضبط بذلك أوقات العبادات، وآجال المعاملات، ويعرف بها مدة ما مضى من الأوقات التي لولا وجود الشمس والقمر، وتناوبهما واختلافهما - لما عرف ذلك عامة الناس، واشتركوا في علمه، بل كان لا يعرفه إلا أفراد من الناس، بعد الاجتهاد، وبذلك يفوت من المصالح الضرورية ما يفوت. { ذَلِكَ } التقدير المذكور { تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } الذي من عزته انقادت له هذه المخلوقات العظيمة، فجرت مذللة مسخرة بأمره، بحيث لا تتعدى ما حده الله لها، ولا تتقدم عنه ولا تتأخر { الْعَلِيمُ } الذي أحاط علمه، بالظواهر والبواطن، والأوائل والأواخر. ومن الأدلة العقلية على إحاطة علمه، تسخير هذه المخلوقات العظيمة، على تقدير، ونظام بديع، تحيُّرُ العقول في حسنه وكماله، وموافقته للمصالح والحكم.
تفسير البغوي
( فالق الإصباح ) شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل وكاشفه [ وهو أول ما يبدو من النهار يريد : مبدئ الصبح وموضحه ] .
وقال الضحاك : خالق النهار ، والإصباح مصدر كالإقبال والإدبار ، وهو الإضاءة وأراد به الصبح . ( وجعل الليل سكنا ) يسكن فيه خلقه ، وقرأ أهل الكوفة : " وجعل " على الماضي ، " الليل " نصب اتباعا للمصحف ، وقرأ إبراهيم النخعي ( فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ) أي : جعل الشمس والقمر بحساب معلوم لا يجاوزانه حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما ، والحسبان مصدر كالحساب ، ( ذلك تقدير العزيز العليم )
الإعراب:
(فالِقُ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره: اللّه فالق..
(الْإِصْباحِ) مضاف إليه (وَجَعَلَ) فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو (اللَّيْلَ) مفعول به أول (سَكَناً) مفعول به ثان، والجملة معطوفة على الجملة الاسمية (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) عطف على الليل (حُسْباناً) مفعول به لفعل محذوف تقديره جعله حسبانا (ذلِكَ) اسم إشارة في محل رفع مبتدأ (تَقْدِيرُ) خبر (الْعَزِيزِ) مضاف إليه (الْعَلِيمِ) صفة.
والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، وكذلك جملة (فالِقُ الْإِصْباحِ).