المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 95]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
يخبر تعالى أنه فالق الحب والنوى ، أي : يشقه في الثرى فتنبت الزروع على اختلاف أصنافها من الحبوب ، والثمار على اختلاف أشكالها وألوانها وطعومها من النوى; ولهذا فسر قوله ( فالق الحب والنوى ) بقوله ( يخرج الحي من الميت ) أي : يخرج النبات الحي من الحب والنوى ، الذي هو كالجماد الميت ، كما قال : ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ) [ يس : 33 - 36 ] .
وقوله : ( ومخرج الميت من الحي ) معطوف على ( فالق الحب والنوى ) ثم فسره ثم عطف عليه قوله : ( ومخرج الميت من الحي ) .
وقد عبروا عن هذا وهذا بعبارات ، كلها متقاربة مؤدية للمعنى ، فمن قائل : يخرج الدجاجة من البيضة ، والبيضة من الدجاجة ، ومن قائل : يخرج الولد الصالح من الكافر ، والكافر من الصالح ، وغير ذلك من العبارات التي تنتظمها الآية وتشملها .
ثم قال : ( ذلكم الله ) أي : فاعل هذه الأشياء هو الله وحده لا شريك له ( فأنى تؤفكون ) أي : فكيف تصرفون من الحق وتعدلون عنه إلى الباطل فتعبدون مع الله غيره .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يخبر تعالى عن كماله، وعظمة سلطانه، وقوة اقتداره، وسعة رحمته، وعموم كرمه، وشدة عنايته بخلقه، فقال: { إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ } شامل لسائر الحبوب، التى يباشر الناس زرعها، والتي لا يباشرونها، كالحبوب التي يبثها الله في البراري والقفار، فيفلق الحبوب عن الزروع والنوابت، على اختلاف أنواعها، وأشكالها، ومنافعها، ويفلق النوى عن الأشجار، من النخيل والفواكه، وغير ذلك. فينتفع الخلق، من الآدميين والأنعام، والدواب.ويرتعون فيما فلق الله من الحب والنوى، ويقتاتون، وينتفعون بجميع أنواع المنافع التي جعلها الله في ذلك.ويريهم الله من بره وإحسانه ما يبهر العقول، ويذهل الفحول، ويريهم من بدائع صنعته، وكمال حكمته، ما به يعرفونه ويوحدونه، ويعلمون أنه هو الحق، وأن عبادة ما سواه باطلة. { يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ } كما يخرج من المني حيوانا، ومن البيضة فرخا، ومن الحب والنوى زرعا وشجرا. { وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ } وهو الذي لا نمو فيه، أو لا روح { مِنَ الْحَيِّ } كما يخرج من الأشجار والزروع النوى والحب، ويخرج من الطائر بيضا ونحو ذلك. { ذَلِكُمْ } الذي فعل ما فعل، وانفرد بخلق هذه الأشياء وتدبيرها { اللَّهُ } رَبُّكُمْ أي: الذي له الألوهية والعبادة على خلقه أجمعين، وهو الذي ربى جميع العالمين بنعمه، وغذاهم بكرمه. { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } أي: فأنى تصرفون، وتصدون عن عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا موتا، ولا حياة، ولا نشورا؟"
تفسير البغوي
قوله عز وجل : ( إن الله فالق الحب والنوى ) الفلق : الشق ، قال الحسن وقتادة والسدي : معناه يشق الحبة عن السنبلة والنواة عن النخلة فيخرجها منها ، والحب جمع الحبة ، وهي اسم لجميع البذور والحبوب من البر والشعير والذرة ، وكل ما لم يكن له نوى ، [ وقال الزجاج : يشق الحبة اليابسة والنواة اليابسة فيخرج منها أوراقا خضرا .
وقال مجاهد : يعني الشقين اللذين فيهما ، أي : يشق الحب عن النبات ويخرجه منه ويشق النوى عن النخل ويخرجها منه ] .
والنوى جمع النواة ، وهي كل ما لم يكن حبا ، كالتمر والمشمش والخوخ ونحوها .
وقال الضحاك : فالق الحب والنوى يعني : خالق الحب والنوى ، ( يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون ) تصرفون عن الحق .
الإعراب:
(إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ) إن واسمها وخبرها (الْحَبِّ) مضاف إليه (وَالنَّوى) عطف.
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والحي مفعوله والجملة في محل رفع خبر ثان.
(وَمُخْرِجُ) عطف على فالق (الْمَيِّتِ) مضاف إليه (مِنَ الْحَيِّ) متعلقان باسم الفاعل مخرج (ذلِكُمُ اللَّهُ) مبتدأ ولفظ الجلالة خبر والجملة مستأنفة (فَأَنَّى) الفاء هي الفصيحة: إذا كان اللّه هو فالق الحب ومخرج الميت فكيف تصرفون عن عبادته؟ (أنى) اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب حال (تُؤْفَكُونَ) مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعله والجملة لا محل لها، جواب شرط غير جازم أو استئنافية.