الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الرعد: [الآية 17]

سورة الرعد
أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌۢ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِى ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَٰعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُۥ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَٰطِلَ ۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْأَمْثَالَ ﴿17﴾

تفسير الجلالين:

ثم ضرب مثلا للحق والباطل فقال «أنزل» تعالى «من السماء ماء» مطرا «فسالت أودية بقدرها» بمقدار ملئها «فاحتمل السيل زبدا رابيا» عاليا عليه هو ما على وجهه من قذر ونحوه «ومما توقدون» بالتاء والياء «عليه في النار» من جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس «ابتغاه» طلب «حلية» زينة «أو متاع» ينتفع به كالأواني إذا أذيبت «زبد مثله» أي مثل زبد السيل وهو خبثه الذي ينفيه الكير «كذلك» المذكور «يضرب الله الحق والباطل» أي مثلهما «فأما الزبد» من السيل وما أوقد عليه من الجواهر «فيذهب جفاءً» باطلا مرميا به «وأما ما ينفع الناس» من الماء والجواهر «فيمكث» يبقى «في الأرض» زمانا كذلك الباطل يضمحل وينمحق وإن علا على الحق في بعض الأوقات والحق ثابت باقي «كذلك» المذكور «يضرب» يبيِّن «الله الأمثال».

تفسير الشيخ محي الدين:

وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)

" فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً» يعني المكر المضاف إلى عباده والمكر المضاف إليه سبحانه فنفى المكر عنهم «يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ» فأتى بلفظ كل وهي حرف شمول فشملت كل نفس فما تركت شيئا في هذا الموضع «وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ» الكافر الذي ستر عنه هذا العلم في الحياة الدنيا «لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ» في الدار الآخرة حيث ينكشف الغطاء عن الأعين فيعلم من كان يجهل .

------------

(42) الفتوحات ج 1 / 698 - ج 4 / 249

تفسير ابن كثير:

اشتملت هذه الآية الكريمة على مثلين مضروبين للحق في ثباته وبقائه ، والباطل في اضمحلاله وفنائه ، فقال تعالى : ( أنزل من السماء ماء ) أي : مطرا ، ( فسالت أودية بقدرها ) أي : أخذ كل واد بحسبه ، فهذا كبير وسع كثيرا من الماء ، وهذا صغير فوسع بقدره ، وهو إشارة إلى القلوب وتفاوتها ، فمنها ما يسع علما كثيرا ، ومنها ما لا يتسع لكثير من العلوم بل يضيق عنها ، ( فاحتمل السيل زبدا رابيا ) أي : فجاء على وجه الماء الذي سال في هذه الأودية زبد عال عليه ، هذا مثل ، وقوله : ( ومما يوقدون عليه في النار ) هذا هو المثل الثاني ، وهو ما يسبك في النار من ذهب أو فضة ( ابتغاء حلية ) أي : ليجعل حلية أو نحاسا أو حديدا ، فيجعل متاعا فإنه يعلوه زبد منه ، كما يعلو ذلك زبد منه . ( كذلك يضرب الله الحق والباطل ) أي : إذا اجتمعا لا ثبات للباطل ولا دوام له ، كما أن الزبد لا يثبت مع الماء ، ولا مع الذهب ونحوه مما يسبك في النار ، بل يذهب ويضمحل; ولهذا قال : ( فأما الزبد فيذهب جفاء ) أي : لا ينتفع به ، بل يتفرق ويتمزق ويذهب في جانبي الوادي ، ويعلق بالشجر وتنسفه الرياح . وكذلك خبث الذهب والفضة والحديد والنحاس يذهب ، لا يرجع منه شيء ، ولا يبقى إلا الماء وذلك الذهب ونحوه ينتفع به; ولهذا قال : ( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ) كما قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) [ العنكبوت : 43 ] .

قال بعض السلف : كنت إذا قرأت مثلا من القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي; لأن الله تعالى يقول : ( وما يعقلها إلا العالمون )

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله تعالى : ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ) هذا مثل ضربه الله ، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها ، فأما الشك فلا ينفع معه العمل ، وأما اليقين فينفع الله به أهله . وهو قوله : ( فأما الزبد فيذهب جفاء ) [ وهو الشك ] ( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) وهو اليقين ، وكما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار; فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : قوله : ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ) يقول : احتمل السيل ما في الوادي من عود ودمنة ( ومما يوقدون عليه في النار ) فهو الذهب والفضة والحلية والمتاع والنحاس والحديد ، فللنحاس والحديد خبث ، فجعل الله مثل خبثه كزبد الماء ، فأما ما ينفع الناس فالذهب والفضة ، وأما ما ينفع الأرض فما شربت من الماء فأنبتت . فجعل ذاك مثل العمل الصالح يبقى لأهله ، والعمل السيئ يضمحل عن أهله ، كما يذهب هذا الزبد ، فكذلك الهدى والحق جاءا من عند الله ، فمن عمل بالحق كان له ، ويبقى كما يبقى ما ينفع الناس في الأرض . وكذلك الحديد لا يستطاع أن يعمل منه سكين ولا سيف حتى يدخل في النار فتأكل خبثه ، ويخرج جيده فينتفع به . كذلك يضمحل الباطل إذا كان يوم القيامة ، وأقيم الناس ، وعرضت الأعمال ، فيزيغ الباطل ويهلك ، وينتفع أهل الحق بالحق .

وكذلك روي في تفسيرها عن مجاهد ، والحسن البصري ، وعطاء ، وقتادة ، وغير واحد من السلف والخلف .

وقد ضرب الله ، سبحانه وتعالى ، في أول سورة البقرة للمنافقين مثلين ناريا ومائيا ، وهما قوله : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ) الآية [ البقرة : 17 ] ، ثم قال : ( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ) الآية [ البقرة : 19 ] . وهكذا ضرب للكافرين في سورة النور مثلين ، أحدهما : قوله : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ) [ النور : 39 ] الآية ، والسراب إنما يكون في شدة الحر; ولهذا جاء في الصحيحين : " فيقال لليهود يوم القيامة : فما تريدون ؟ فيقولون : أي ربنا ، عطشنا فاسقنا . فيقال : ألا تردون ؟ فيردون النار فإذا هي كالسراب يحطم بعضها بعضا " .

ثم قال في المثل الآخر : ( أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ) الآية [ النور : 40 ] . وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم ، كمثل غيث أصاب أرضا ، فكان منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس ، فشربوا ورعوا وسقوا وزرعوا ، وأصابت طائفة منها [ أخرى ] إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعثني ونفع به ، فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " .

فهذا مثل مائي ، وقال في الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد :

حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " مثلي ومثلكم ، كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها " . قال : " فذلكم مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار ، هلم عن النار [ هلم عن النار ، هلم ] فتغلبوني فتقتحمون فيها " . وأخرجاه في الصحيحين أيضا فهذا مثل ناري .


تفسير الطبري :

قوله تعالى {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا} ضرب مثلا للحق والباطل؛ فشبه الكفر بالزبد الذي يعلو الماء، فإنه يضمحل ويعلق بجنبات الأودية، وتدفعه الرياح؛ فكذلك يذهب الكفر ويضمحل، على، ما نبينه. قال مجاهد {فسالت أودية بقدرها} قال : بقدر ملئها. وقال ابن جريج : بقدر صغرها وكبرها. وقرأ الأشهب العقيلي والحسن "بقدْرها" بسكون الدال، والمعنى واحد. وقيل : معناها بما قدر لها. والأودية: جمع الوادي؛ وسمي واديا لخروجه وسيلانه؛ فالوادي على هذا اسم للماء السائل. وقال أبو علي {فسالت أودية} توسع؛ أي سال ماؤها فحذف، قال : ومعنى {بقدرها} بقدر مياهها؛ لأن الأودية ما سالت بقدر أنفسها. {فاحتمل السيل زبدا رابيا} أي طالعا عاليا مرتفعا فوق الماء؛ وتم الكلام؛ قاله مجاهد. ثم قال {ومما يوقدون عليه في النار} وهو المثل الثاني. {ابتغاء حلية} أي حلية الذهب والفضة. {أو متاع زبد مثله} قال مجاهد : الحديد والنحاس والرصاص. وقوله {زبد مثله} أي يعلو هذه الأشياء زبد كما يعلو السيل؛ وإنما احتمل السيل الزبد لأن الماء خالطه تراب الأرض فصار ذلك زبدا، كذلك ما يوقد عليه في النار من الجوهر ومن الذهب والفضة مما ينبث في الأرض من المعادن فقد خالطه التراب؛ فإنما يوقد عليه ليذوب فيزايله تراب الأرض. وقوله {كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء} قال مجاهد : جمودا. وقال أبو عبيدة قال أبو عمرو بن العلاء : أجفأت القدر إذا غلت حتى ينصب زبدها، وإذا جمد في أسفلها. والجفاء ما أجفاه الوادي أي رمى به. وحكى أبو عبيدة أنه سمع رؤبة يقرأ {جفالا} قال أبو عبيدة : يقال أجفلت القدر إذا قذفت بزبدها، وأجفلت الريح السحاب إذا قطعته. {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} قال مجاهد : هو الماء الخالص الصافي. وقيل : الماء وما خلص من الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص؛ وهو أن المثلين ضربهما الله للحق في ثباته، والباطل في اضمحلاله، فالباطل وإن علا في بعض الأحوال فإنه يضمحل كاضمحلال الزبد. والخبث. وقيل : المراد مثل ضربه الله للقرآن وما يدخل منه القلوب؛ فشبه القرآن بالمطر لعموم خيره وبقاء نفعه، وشبه القلوب بالأودية، يدخل فيها من القرآن مثل ما يدخل في الأودية بحسب سعتها وضيقها. قال ابن عباس {أنزل من السماء ماء} قال : قرآنا، {فسالت أودية بقدرها} قال : الأودية قلوب العباد. قال صاحب [سوق العروس] إن صح هذا التفسير فالمعنى فيه أن الله سبحانه مثل القرآن بالماء. ومثل القلوب بالأودية، ومثل المحكم بالصافي، ومثل المتشابه بالزبد. وقيل : الزبد مخايل النفس وغوائل الشك ترتفع من حيث ما فيها فتضطرب من سلطان تلعها، كما أن ماء السيل يجري صافيا فيرفع ما يجد في الوادي باقيا، وأما حلية الذهب والفضة فمثل الأحوال السنية. والأخلاق الزكية؛ التي بها جمال الرجال، وقوام صالح الأعمال، كما أن من الذهب والفضة زينة النساء. وبهما قيمة الأشياء. وقرأ جحيد وابن محيصن ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وحفص، {يوقدون} بالياء واختاره أبو عبيد؛ لقوله {ينفع الناس} فأخبر، ولا مخاطبة هاهنا. الباقون بالتاء لقوله في أول الكلام {أفاتخذتم من دونه أولياء} [الرعد : 16] الآية. وقوله{في النار} متعلق بمحذوف، وهو في موضع الحال، وذو الحال الهاء التي في {عليه} التقدير : ومما توقدون عليه ثابتا في النار أو كامئا. وفي قوله {في النار} ضمير مرفوع يعود إلى الهاء التي هي اسم ذي الحال ولا يستقيم أن يتعلق {في النار} بـ {يوقدون} من حيث لا يستقيم أوقدت عليه في النار؛ لأن الموقد عليه يكون في النار، فيصير قوله{في النار} غير مقيد. وقوله {ابتغاء حلية} مفعول له. {زبد مثله} ابتداء وخبر؛ أي زبد مثل زبد السيل. وقيل : إن خبر {زبد} قوله {في النار} الكسائي {زبد} ابتداء، و{مثله} نعت له، والخبر في الجملة التي قبله، وهو {مما يوقدون}. {كذلك يضرب الله الأمثال} أي كما بين لكم هذه الأمثال فكذلك يضربها بينات. تم الكلام. قوله تعالى‏ {‏للذين استجابوا لربهم‏}‏ أي أجابوا؛ واستجاب بمعنى أجاب؛ قال‏:‏ فلم يستجبه عند ذاك مجيب ** وقد تقدم؛ أي أجاب إلى ما دعاه الله من التوحيد والنبوات‏.‏ ‏{‏الحسنى‏}‏ لأنها في نهاية الحسن‏.‏ وقيل‏:‏ من الحسنى النصر في الدنيا، والنعيم المقيم غدا‏.‏ ‏{‏والذين لم يستجيبوا‏}‏ أي لم يجيبوا إلى الإيمان به‏.‏ {‏لو أن لهم ما في الأرض جميعا‏}‏ أي من الأموال‏.‏ ‏{‏ومثله معه‏}‏ ملك لهم‏.‏ {‏لافتدوا به‏}‏ من عذاب يوم القيامة؛ نظيره في ‏"‏آل عمران‏"‏ ‏{‏إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا‏} [‏آل عمران‏:‏ 10‏]‏، ‏{‏إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به‏} [‏آل عمران‏:‏ 91‏]‏ حسب ما تقدم بيانه هناك‏.‏ {‏أولئك لهم سوء الحساب‏}‏ أي لا يقبل لهم حسنة، ولا يتجاوز لهم عن سيئة‏.‏ وقال فرقد السبخي قال لي إبراهيم النخعي‏:‏ يا فرقد‏!‏ أتدري ما سوء الحساب‏؟‏ قلت لا‏!‏ قال أن يحاسب الرجل‏:‏ بذنبه كله لا يفقد منه شيء‏.‏ ‏{‏ومأواهم جهنم‏}‏ أي مسكنهم ومقامهم‏.‏ {‏وبئس المهاد‏}‏ أي الفراش الذي مهدوا لأنفسهم‏.‏ قوله تعالى‏ {‏أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى‏}‏ هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر، وروي أنها نزلت في حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، وأبي جهل لعنه الله‏.‏ والمراد بالعمى عمى القلب، والجاهل بالدين أعمى القلب‏.‏ ‏{‏إنما يتذكر أولو الألباب‏}‏‏.

التفسير الميسّر:

ثم ضرب الله سبحانه مثلا للحق والباطل بماء أنزله من السماء، فجَرَت به أودية الأرض بقدر صغرها وكبرها، فحمل السيل غثاء طافيًا فوقه لا نفع فيه. وضرب مثلا آخر: هو المعادن يوقِدون عليها النار لصهرها طلبًا للزينة كما في الذهب والفضة، أو طلبًا لمنافع ينتفعون بها كما في النحاس، فيخرج منها خبثها مما لا فائدة فيه كالذي كان مع الماء، بمثل هذا يضرب الله المثل للحق والباطل: فالباطل كغثاء الماء يتلاشى أو يُرْمى إذ لا فائدة منه، والحق كالماء الصافي، والمعادن النقية تبقى في الأرض للانتفاع بها، كما بيَّن لكم هذه الأمثال، كذلك يضربها للناس؛ ليتضح الحق من الباطل والهدى من الضلال.

تفسير السعدي

شبّه تعالى الهدى الذي أنزله على رسوله لحياة القلوب والأرواح، بالماء الذي أنزله لحياة الأشباح، وشبّه ما في الهدى من النفع العام الكثير الذي يضطر إليه العباد، بما في المطر من النفع العام الضروري، وشبه القلوب الحاملة للهدى وتفاوتها بالأودية التي تسيل فيها السيول، فواد كبير يسع ماء كثيرا، كقلب كبير يسع علما كثيرا، وواد صغير يأخذ ماء قليلا، كقلب صغير، يسع علما قليلا، وهكذا.

وشبه ما يكون في القلوب من الشهوات والشبهات عند وصول الحق إليها، بالزبد الذي يعلو الماء ويعلو ما يوقد عليه النار من الحلية التي يراد تخليصها وسبكها، وأنها لا تزال فوق الماء طافية مكدرة له حتى تذهب وتضمحل، ويبقى ما ينفع الناس من الماء الصافي والحلية الخالصة.

كذلك الشبهات والشهوات لا يزال القلب يكرهها، ويجاهدها بالبراهين الصادقة، والإرادات الجازمة، حتى تذهب وتضمحل ويبقى القلب خالصا صافيا ليس فيه إلا ما ينفع الناس من العلم بالحق وإيثاره، والرغبة فيه، فالباطل يذهب ويمحقه الحق { إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } وقال هنا: { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ } ليتضح الحق من الباطل والهدى والضلال.


تفسير البغوي

( أنزل ) يعني : الله عز وجل ( من السماء ماء ) يعني : المطر ( فسالت ) من ذلك الماء ( أودية بقدرها ) أي : في الصغر والكبر ( فاحتمل السيل ) الذي حدث من ذلك الماء ( زبدا رابيا ) الزبد : الخبث الذي يظهر على وجه الماء ، وكذلك على وجه القدر ، " رابيا " أي عاليا مرتفعا فوق الماء ، فالماء الصافي الباقي هو الحق ، والذاهب الزائل الذي يتعلق بالأشجار وجوانب الأودية هو الباطل .

وقيل : قوله " أنزل من السماء ماء " : هذا مثل للقرآن ، والأودية مثل للقلوب ، يريد : ينزل القرآن فتحمل منه القلوب على قدر اليقين ، والعقل ، والشك ، والجهل . فهذا أحد المثلين ، والمثل الآخر : قوله عز وجل : ( ومما يوقدون عليه في النار ) .

قرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص ( يوقدون ) بالياء لقوله تعالى : ( ما ينفع الناس ) ولا مخاطبة هاهنا . وقرأ الآخرون بالتاء " ومما توقدون " أي : ومن الذي توقدون عليه في النار . والإيقاد : جعل النار تحت الشيء ليذوب .

( ابتغاء حلية ) أي : لطلب زينة ، وأراد الذهب والفضة ; لأن الحلية تطلب منهما ( أو متاع ) أي : طلب متاع وهو ما ينتفع به ، وذلك مثل الحديد ، والنحاس ، والرصاص ، والصفر تذاب فيتخذ منها الأواني وغيرها مما ينتفع بها ( زبد مثله ) .

( كذلك يضرب الله الحق والباطل ) أي : إذا أذيب فله أيضا زبد مثل زبد الماء ، فالباقي الصافي من هذه الجواهر مثل الحق ، والزبد الذي لا ينتفع به مثل الباطل .

( فأما الزبد ) الذي علا السيل والفلز ( فيذهب جفاء ) أي : ضائعا باطلا ، والجفاء ما رمى به الوادي من الزبد ، والقدر إلى جنباته . يقال : جفا الوادي وأجفأ : إذا ألقى غثاءه ، وأجفأت القدر وجفأت : إذا غلت وألقت زبدها ، فإذا سكنت لم يبق فيها شيء .

معناه : إن الباطل وإن علا في وقت فإنه يضمحل . وقيل : " جفاء " أي : متفرقا . يقال : جفأت الريح الغيم إذا فرقته وذهبت به .

( وأما ما ينفع الناس ) يعني : الماء والفلز من الذهب والفضة والصفر والنحاس ( فيمكث في الأرض ) أي : يبقى ولا يذهب .

( كذلك يضرب الله الأمثال ) جعل الله تعالى هذا مثلا للحق والباطل ، أي : أن الباطل كالزبد يذهب ويضيع ، والحق كالماء والفلز يبقى في القلوب . وقيل : هذا تسلية للمؤمنين ، يعني : أن أمر المشركين كالزبد يرى في الصورة شيئا وليس له حقيقة ، وأمر المؤمنين كالماء المستقر في مكانه له البقاء والثبات .


الإعراب:

(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) ماض وفاعله مستتر ومفعوله والجار والمجرور متعلقان بأنزل والجملة مستأنفة (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ) ماض وفاعله والجملة معطوفة (بِقَدَرِها) متعلقان بسالت (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً) ماض وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة (رابِياً) صفة زبدا (وَمِمَّا) الواو عاطفة ومن جارة وما موصولية ومتعلقان بخبر مقدم (يُوقِدُونَ) مضارع والواو فاعله (عَلَيْهِ) متعلقان بيوقدون والجملة صلة (فِي النَّارِ) متعلقان بيوقدون (ابْتِغاءَ) مفعول لأجله (حِلْيَةٍ) مضاف إليه (أَوْ مَتاعٍ) معطوف (زَبَدٌ) مبتدأ مؤخر (مِثْلُهُ) صفة والهاء مضاف إليه (كَذلِكَ) ذا اسم إشارة واللام للبعد والكاف للخطاب ومتعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق (يَضْرِبُ اللَّهُ) مضارع ولفظ الجلالة فاعله (الْحَقَّ) مفعول به والجملة مستأنفة (وَالْباطِلَ) معطوف على الحق (فَأَمَّا) الفاء عاطفة وأما حرف شرط وتفصيل (الزَّبَدُ) مبتدأ وجملته معطوفة (فَيَذْهَبُ) الفاء واقعة في جواب أما ومضارع فاعله محذوف (جُفاءً) حال والجملة خبر المبتدأ (وَأَمَّا) الواو عاطفة وأما حرف شرط وتفصيل (ما) موصولية مبتدأ (يَنْفَعُ النَّاسَ) مضارع فاعله مستتر والناس مفعوله والجملة صلة (فَيَمْكُثُ) الفاء رابطة ومضارع فاعله مستتر والجملة خبر ما (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بيمكث (كَذلِكَ) الكاف حرف جر وذا اسم إشارة مجرور بالكاف متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق (يَضْرِبُ اللَّهُ) مضارع ولفظ الجلالة فاعله (الْأَمْثالَ) مفعول به والجملة مستأنفة.

---

Traslation and Transliteration:

Anzala mina alssamai maan fasalat awdiyatun biqadariha faihtamala alssaylu zabadan rabiyan wamimma yooqidoona AAalayhi fee alnnari ibtighaa hilyatin aw mataAAin zabadun mithluhu kathalika yadribu Allahu alhaqqa waalbatila faamma alzzabadu fayathhabu jufaan waamma ma yanfaAAu alnnasa fayamkuthu fee alardi kathalika yadribu Allahu alamthala

بيانات السورة

اسم السورة سورة الرعد (Ar-Ra'd - The Thunder)
ترتيبها 13
عدد آياتها 43
عدد كلماتها 854
عدد حروفها 3450
معنى اسمها (الرَّعْدُ): الصَّوتُ القَوِيُّ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ السَّحَابِ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ صِفَةِ تَسْبِيحِ الرَّعْدِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقْصِدِ العَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الرَّعْدِ)
مقاصدها بَيَانُ الأَدِلَّةِ العَدِيدَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تعَالَى وَتَوحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الرَّعْدِ) بِآخِرِهَا: ذِكْرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ...١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ ...٤٣﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الرَّعْدِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام): قَالَ عَنِ القُرْآنِ فِي آخِرِ (يُوسُفَ عليه السلام): ﴿مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ ...١١١﴾، وَوَصَفَ المُعْرِضِينَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ (الرَّعْدِ) فَقَالَ: ﴿الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!