المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النصر: [الآية 2]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة النصر | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
(110) سورة النصر مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
هذه السورة تقوم مقام أو تعدل ثلث القرآن ، قال تعالى آمرا لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم عند انقضاء رسالته وما شرع له أن يشرع من الثناء عليه ، فإنه لما أكمل اللّه سبحانه الدين نعى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه في هذه الآية التي أنزلها عليه ، وأمره بقوله :
[سورة النصر (110) : الآيات 1 إلى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (3)
هذا أمر ، أي اشغل نفسك بتنزيه ربك والثناء عليه بما هو أهله ، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ] هذا هو التسبيح بحمده ،
فإذا قام فضول بالإنسان واستنبط له ثناء لم يجئ بذلك اللفظ خطاب إلهي فما سبحه بحمده ، بل بما استنبطه من عنده ، فينقص عن درجة ما ينبغي ،
فقل ما قاله عن نفسه ولا تزد في الرقم وإن كان حسنا ، فإذا عملت به كنت من أهل الحق ، قال تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ»
[ «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً» الآية ]
فاقتطعه بهذا الأمر من العالم لمّا كمّل ما أريد منه من تبليغ الرسالة ، وقال له تعالى «وَاسْتَغْفِرْهُ» من أيام التبليغ ،
فطلب بالاستغفار أن يستره عن خلقه في حجاب صونه ، لينفرد به دون خلقه دائما ،
فإنه كان في زمان التبليغ والإرشاد وشغله بأداء الرسالة ، فإن له وقتا لا يسعه فيه غير ربه ، وسائر أوقاته فيما أمر به من النظر في أمور الخلق ، فرده إلى ذلك الوقت الواحد الذي كان يختلسه من أوقات شغله بالخلق ،
وإن كان عن أمر الحق «إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً» أي يرجع الحق إليك الرجوع الخاص الذي يربو على مقام التبليغ ، وهو المحادثة برفع الوسائط ، رجوعا مستصحبا لا يكون للخلق عندك فيه دخول بوجه من الوجوه ، ولما تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه السورة ، بكى أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه وحده دون من كان في ذلك المجلس ،
وعلم أن اللّه تعالى نعى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه ، وهو كان أعلم الناس به ، وأخذ الحاضرون يتعجبون من بكائه ولا يعرفون سبب ذلك :
إذا رأيت وفود اللّه قد وصلوا *** يأتون دين الإله الحق أفواج
فاستغفر اللّه واطلب عفوه كرما *** وكن فقيرا إلى الرحمن محتاج
معاشر الناس إن اللّه أنبتكم *** من أرضه نطفا في النشء أمشاج
وثم أولجكم لما أماتكمو *** فيها لأمر أراد الحق إيلاج
وقد علمت بأن اللّه يخرجكم *** بعد الممات من الأجداث إخراج
من بعد إنزاله من أجل نشأتكم *** ماء كمثل منيّ الناس ثجاج
وصير الناس أقساما منوعة *** ثلاثة في كتاب اللّه أزواج
لو أن ما عندنا من علم صانعنا *** يكون في رهج الأسواق ماراج
(111) سورة المسد مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منذرا عشيرته الأقربين من فوق الصفا ، وكان أبو لهب حاضرا ، فنفخ في يده وقال : ما حصل بأيدينا مما قاله شيء ؛
وصدق أبو لهب فإنه ما نفعه اللّه بإنذاره ولا أدخل قلبه منه شيئا ، لما أراد به من الشقاء ، فأنزل اللّه فيه .
------------
(3) الفتوحات ج 2 / 403 - ج 1 / 181">181">181">181 - ج 3 / 148 ، 385 - ج 2 / 119 - ج 1 / 181">181">181">181 - ج 2 / 119 - ج 1 / 181">181">181">181 - الديوان / 473تفسير ابن كثير:
وروى ابن جرير ، عن محمد بن حميد ، عن مهران ، عن الثوري ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، فذكر مثل هذه القصة ، أو نحوها .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعيت إلي نفسي " . . بأنه مقبوض في تلك السنة . تفرد به أحمد .
وروى العوفي ، عن ابن عباس ، مثله . وهكذا قال مجاهد وأبو العالية والضحاك وغير واحد : إنها أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي إليه .
وقال ابن جرير : حدثني إسماعيل بن موسى ، حدثنا الحسين بن عيسى الحنفي ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي حازم ، عن ابن عباس قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة إذ قال : " الله أكبر ، الله أكبر! جاء نصر الله والفتح ، جاء أهل اليمن " . قيل : يا رسول الله ، وما أهل اليمن ؟ قال : " قوم رقيقة قلوبهم ، لينة طباعهم ، الإيمان يمان ، والفقه يمان ، والحكمة يمانية "
ثم رواه عن ابن عبد الأعلى ، عن ابن ثور ، عن معمر ، عن عكرمة مرسلا .
وقال الطبراني : حدثنا زكريا بن يحيى ، حدثنا أبو كامل الجحدري ، حدثنا أبو عوانة ، عن هلال بن خباب ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) حتى ختم السورة ، قال : نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين نزلت ، قال : فأخذ بأشد ما كان قط اجتهادا في أمر الآخرة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : " جاء الفتح ونصر الله ، وجاء أهل اليمن " . فقال رجل : يا رسول الله ، وما أهل اليمن ؟ قال : " قوم رقيقة قلوبهم ، لينة قلوبهم ، الإيمان يمان ، والفقه يمان " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد نعيت إليه نفسه ، فقيل : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) السورة كلها .
حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين : أن عمر سأل ابن عباس عن هذه الآية : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) قال : لما نزلت نعيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه
وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي ، حدثنا أبي ، حدثنا جعفر بن عون ، عن أبي العميس ، عن أبي بكر بن أبي الجهم ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس قال : آخر سورة نزلت من القرآن جميعا : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري الطائي ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لما نزلت هذه السورة : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ختمها ، فقال : " الناس حيز ، وأنا وأصحابي حيز " . وقال : " لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية " . فقال له مروان : كذبت - وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت ، قاعدان معه على السرير - فقال أبو سعيد : لو شاء هذان لحدثاك ، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه ، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة . فرفع مروان عليه الدرة ليضربه ، فلما رأيا ذلك قالا : صدق .
تفرد به أحمد ، وهذا الذي أنكره مروان على أبي سعيد ليس بمنكر ، فقد ثبت من رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح : " لا هجرة ، ولكن جهاد ونية ، ولكن إذا استنفرتم فانفروا " . أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما .
فالذي فسر به بعض الصحابة من جلساء عمر رضي الله عنهم أجمعين ، من أنه قد أمرنا إذا فتح الله علينا المدائن والحصون أن نحمد الله ونشكره ونسبحه ، يعني نصلي ونستغفره - معنى مليح صحيح ، وقد ثبت له شاهد من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقت الضحى ثماني ركعات ، فقال قائلون : هي صلاة الضحى . وأجيبوا بأنه لم يكن يواظب عليها ، فكيف صلاها ذلك اليوم وقد كان مسافرا لم ينو الإقامة بمكة ؟ ولهذا أقام فيها إلى آخر شهر رمضان قريبا من تسعة عشر يوما يقصر الصلاة ويفطر هو وجميع الجيش ، وكانوا نحوا من عشرة آلاف . قال هؤلاء : وإنما كانت صلاة الفتح ، قالوا : فيستحب لأمير الجيش إذا فتح بلدا أن يصلي فيه أول ما يدخله ثماني ركعات . وهكذا فعل سعد بن أبي وقاص يوم فتح المدائن ، ثم قال بعضهم : يصليها كلها بتسليمة واحدة . والصحيح أنه يسلم من كل ركعتين ، كما ورد في سنن أبي داود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم يوم الفتح من كل ركعتين . وأما ما فسر به ابن عباس وعمر رضي الله عنهما ، من أن هذه السورة نعي فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة ، واعلم أنك إذا فتحت مكة - وهي قريتك التي أخرجتك - ودخل الناس في دين الله أفواجا ، فقد فرغ شغلنا بك في الدنيا ، فتهيأ للقدوم علينا والوفود إلينا ، فالآخرة خير لك من الدنيا ، ولسوف يعطيك ربك فترضى ،
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
ودخول الناس في دين الله أفواجًا، بحيث يكون كثير منهم من أهله وأنصاره، بعد أن كانوا من أعدائه، وقد وقع هذا المبشر به،
تفسير البغوي
( ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ) زمرا وأرسالا القبيلة بأسرها ، والقوم بأجمعهم من غير قتال .
قال الحسن : لما فتح الله - عز وجل - مكة على رسوله قالت العرب بعضها لبعض : إذا ظفر محمد بأهل الحرم - وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل - فليس لكم به يدان ، فكانوا يدخلون في دين الله أفواجا بعد أن كانوا يدخلون واحدا واحدا ، واثنين اثنين .
وقال عكرمة ومقاتل : أراد بالناس أهل اليمن :
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري حدثنا أحمد بن الكشميهني حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبا وأرق أفئدة الإيمان والحكمة يمانية " .
الإعراب:
(وَرَأَيْتَ) ماض وفاعله (النَّاسَ) مفعول به والجملة معطوفة على ما قبلها (يَدْخُلُونَ) مضارع وفاعله (فِي دِينِ اللَّهِ) متعلقان بالفعل ولفظ الجلالة مضاف إليه (أَفْواجاً) حال والجملة حال.