«إلا الذين يصلون» يلجئون «إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق» عهد بالأمان لهم ولمن وصل إليهم كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم هلال بن عويمر الأسلمي «أو» الذين «جاَءُوكم» وقد «حَصِرَتْ» ضاقت «صدورهم» عن «أن يقاتلوكم» مع قومهم «أو يقاتلوا قومهم» معكم أي ممسكين عن قتالكم وقتالهم فلا تتعرضوا إليهم بأخذ ولا قتل وهذا ما بعده منسوخ بآية السيف «ولو شاء الله» تسليطهم عليكم «لسلطهم عليكم» بأن يقّوي قلوبهم «فلقاتلوكم» ولكنه لم يشأه فألقى في قلوبهم الرعب «فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السَّلَمَ» الصلح أي انقادوا «فما جعل الله لكم عليهم سبيلا» طريقا بالأخذ والقتال.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .
------------
(174) الفتوحات ج 4 /
352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 /
94 - ج 2 /
107
ثم استثنى الله ، سبحانه من هؤلاء فقال : ( إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ) أي : إلا الذين لجئوا وتحيزوا إلى قوم بينكم وبينهم مهادنة أو عقد ذمة ، فاجعلوا حكمهم كحكمهم . وهذا قول السدي ، وابن زيد ، وابن جرير .
وقد روى ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن : أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال : لما ظهر - يعني صلى الله عليه وسلم - على أهل بدر وأحد ، وأسلم من حولهم قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي - بني مدلج - فأتيته فقلت : أنشدك النعمة . فقالوا : صه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دعوه ، ما تريد ؟ " . قال : بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي ، وأنا أريد أن توادعهم ، فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام ، وإن لم يسلموا لم تخشن قلوب قومك عليهم . فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد فقال : " اذهب معه فافعل ما يريد " . فصالحهم خالد على ألا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسلموا معهم ، [ ومن وصل إليهم من الناس كانوا على مثل عهدهم ] فأنزل الله : ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء )
ورواه ابن مردويه من طريق حماد بن سلمة ، وقال فأنزل الله : ( إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ) فكان وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم وهذا أنسب لسياق الكلام .
وفي صحيح البخاري في قصة صلح الحديبية فكان من أحب أن يدخل في صلح قريش وعهدهم ، ومن أحب أن يدخل في صلح محمد وأصحابه وعهدهم .
وقد روي عن ابن عباس أنه قال : نسخها قوله : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين [ حيث وجدتموهم ] ) [ التوبة : 5 ] .
وقوله : ( أو جاءوكم حصرت صدورهم [ أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ] ) الآية ، هؤلاء قوم آخرون من المستثنين عن الأمر بقتالهم ، وهم الذين يجيئون إلى المصاف وهم حصرة صدورهم أي : ضيقة صدورهم مبغضين أن يقاتلوكم ، ولا يهون عليهم أيضا أن يقاتلوا قومهم معكم ، بل هم لا لكم ولا عليكم . ( ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم ) أي : من لطفه بكم أن كفهم عنكم ( فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم ) أي : المسالمة ( فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ) أي : فليس لكم أن تقتلوهم ، ما دامت حالهم كذلك ، وهؤلاء كالجماعة الذين خرجوا يوم بدر من بني هاشم مع المشركين ، فحضروا القتال وهم كارهون ، كالعباس ونحوه ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ عن قتل العباس وأمر بأسره .
فيه خمس مسائل: الأولى: قوله تعالى {ودوا لو تكفرون} أي تمنوا أن تكونوا كهم في الكفر والنفاق شرع سواء؛ فأمر الله تعالى بالبراءة منهم فقال {فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا}؛ كما قال تعالى {ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} [
الأنفال : 72] والهجرة أنواع : منها الهجرة إلى المدينة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه واجبة أول الإسلام حتى قال : (لا هجرة بعد الفتح). وكذلك هجرة المنافقين مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات، وهجره من أسلم في دار الحرب فإنها واجبة. وهجرة المسلم ما حرم الله عليه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : (والمهاجر من هجر ما حرم الله عليه). وهاتان الهجرتان ثابتتان الآن. وهجرة أهل المعاصي حتى يرجعوا تأديبا لهم فلا يكلمون ولا يخالطون حتى يتوبوا؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع كعب وصاحبيه {فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم} يقول : إن أعرضوا عن التوحيد والهجرة فأسروهم واقتلوهم. {حيث وجدتموهم} عام في الأماكن من حل وحرم. والله أعلم، ثم استثنى وهي: الثانية: فقال تعالى {إلا الذين يصلون} استثناء أي يتصلون بهم ويدخلون فيما بينهم من الجوار والحلف؛ المعنى : فلا تقتلوا قوما بينهم وبين من بينكم وبينهم عهد فإنهم على عهدهم ثم انتسخت العهود فانتسخ هذا. هذا قول مجاهد وابن زيد وغيرهم، وهو أصح ما قيل في معنى الآية. قال أبو عبيد : يصلون ينتسبون؛ ومنه قول الأعشى : إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل ** وبكر سبتها والأنوف رواغم يريد إذا انتسبت. قال المهدوي : وأنكره العلماء؛ لأن النسب لا يمنع من قتال الكفار وقتلهم. وقال النحاس : وهذا غلط عظيم؛ لأنه يذهب إلى أن الله تعالى حظر أن يقاتل أحد بينه وبين المسلمين نسب، والمشركون قد كان بينهم وبين السابقين الأولين أنساب، وأشد من هذا الجهل بأنه كان ثم نسخ؛ لأن أهل التأويل مجمعون على أن الناسخ له {براءة} وإنما نزلت {براءة} بعد الفتح وبعد أن انقطعت الحروب. وقال معناه الطبري. قلت : حمل بعض العلماء معنى ينتسبون على الأمان؛ أي إن المنتسب إلى أهل الأمان آمن إذا أمن الكل منهم، لا على معنى النسب الذي هو بمعنى القرابة. واختلف في هؤلاء الذين كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق؛ فقيل : بنو مدلج. عن الحسن : كان بينهم وبين قريش عقد، وكان بين قريش وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد. وقال عكرمة : نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن جعشم وخزيمة بن عامر بن عبد مناف كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد. وقيل : خزاعة. وقال الضحاك عن ابن عباس : أنه أراد بالقوم الذين بينكم وبينهم ميثاق بني بكر بن زيد بن مناة، كانوا في الصلح والهدنة. الثالثة: في هذه الآية دليل على إثبات الموادعة بين أهل الحرب وأهل الإسلام إذا كان في الموادعة مصلحة للمسلمين، على ما يأتي بيانه في [الأنفال وبراءة] إن شاء الله تعالى. الرابعة: قوله تعالى {أو جاءوكم حصرت صدورهم} أي ضاقت. وقال لبيد : أسهلت وانتصبت كجذع منيفة ** جرداء يحصر دونها جرامها أي تضيق صدورهم من طول هذه النخلة؛ ومنه الحصر في القول وهو ضيق الكلام على المتكلم. والحصر الكتوم للسر؛ قال جرير : ولقد تسقطني الوشاة فصادفوا ** حصرا بسرك يا أميم ضنينا ومعنى {حصرت} قد حصرت فأضمرت قد؛ قال الفراء : وهو حال من المضمر المرفوع في {جاءوكم} كما تقول : جاء فلان ذهب عقله، أي قد ذهب عقله. وقيل : هو خبر بعد خبر قاله الزجاج. أي جاءوكم ثم أخبر فقال {حصرت صدورهم} فعلى هذا يكون {حصرت} بدلا من {جاءوكم} كما قيل {حصرت} في موضع خفض على النعت لقوم. وفي حرف أبي (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق حصرت صدورهم) ليس فيه (أو جاءوكم). وقيل : تقديره أو جاءوكم رجالا أو قوما حصرت صدورهم؛ فهي صفة موصوف منصوب على الحال. وقرأ الحسن {أو جاءوكم حصرة صدورهم} نصب على الحال، ويجوز رفعه على الابتداء والخبر. وحكى (أو جاءوكم حصراتٍ صدورهم)، ويجوز الرفع. وقال محمد بن يزيد (حصرت صدورهم) هو دعاء عليهم؛ كما تقول : لعن الله الكافر؛ وقال المبرد. وضعفه بعض المفسرين وقال : هذا يقتضي ألا يقاتلوا قومهم؛ وذلك فاسد؛ لأنهم كفار وقومهم كفار. وأجيب بأن معناه صحيح، فيكون عدم القتال في حق المسلمين تعجيزا لهم، وفي حق قومهم تحقيرا لهم. وقيل {أو} بمعنى الواو؛ كأنه يقول : إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق وجاءوكم ضيقة صدورهم عن قتالكم والقتال معكم فكرهوا قتال الفريقين. ويحتمل أن يكونوا معاهدين على ذلك فهو نوع من العهد، أو قالوا نسلم ولا نقاتل؛ فيحتمل أن يقبل ذلك منهم في أول الإسلام حتى يفتح الله قلوبهم للتقوى ويشرحها للإسلام. والأول أظهر. والله أعلم. {أو يقاتلوا} في موضع نصب؛ أي عن أن يقاتلوكم. الخامسة: قوله تعالى {ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم} تسليط الله تعالى المشركين على المؤمنين هو بأن يقدرهم على ذلك ويقويهم إما عقوبة ونقمة عند إذاعة المنكر وظهور المعاصي، وإما ابتلاء واختبارا كما قال تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم} [
محمد : 31]، وإما تمحيصا للذنوب كما قال تعالى {وليمحص الله الذين آمنوا} [
آل عمران : 141] ولله أن يفعل ما يشاء ويسلط من يشاء على من يشاء إذا شاء. ووجه النظم والاتصال بما قبل أي اقتلوا المنافقين الذين اختلفتم فيهم إلا أن يهاجروا، وإلا أن يتصلوا بمن بينكم وبينهم ميثاق فيدخلون فيما دخلوا فيه فلهم حكمهم، وإلا الذين جاءوكم قد حصرت صدورهم عن أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم فدخلوا فيكم فلا تقتلوهم.
لكن الذين يتصلون بقوم بينكم وبينهم عهد وميثاق فلا تقاتلوهم، وكذلك الذين أتَوا إليكم وقد ضاقت صدورهم وكرهوا أن يقاتلوكم، كما كرهوا أن يقاتلوا قومهم، فلم يكونوا معكم ولا مع قومهم، فلا تقاتلوهم، ولو شاء الله تعالى لسلَّطهم عليكم، فلقاتلوكم مع أعدائكم من المشركين، ولكن الله تعالى صرفهم عنكم بفضله وقدرته، فإن تركوكم فلم يقاتلوكم، وانقادوا اليكم مستسلمين، فليس لكم عليهم من طريق لقتالهم.
ثم إن الله استثنى من قتال هؤلاء المنافقين ثلاث فِرَق: فرقتين أمر بتركهم وحتَّم [على] ذلك، إحداهما من يصل إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق بترك القتال فينضم إليهم، فيكون له حكمهم في حقن الدم والمال. والفرقة الثانية قوم { حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ } أي: بقوا، لا تسمح أنفسهم بقتالكم، ولا بقتال قومهم، وأحبوا ترك قتال الفريقين، فهؤلاء أيضا أمر بتركهم، وذكر الحكمة في ذلك في قوله: { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ } فإن الأمور الممكنة ثلاثة أقسام: إما أن يكونوا معكم ويقاتلوا أعداءكم، وهذا متعذر من هؤلاء، فدار الأمر بين قتالكم مع قومهم وبين ترك قتال الفريقين، وهو أهون الأمرين عليكم، والله قادر على تسليطهم عليكم، فاقبلوا العافية، واحمدوا ربكم الذي كف أيديهم عنكم مع التمكن من ذلك. فـهؤلاء { إن اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } الفرقة الثالثة: قوم يريدون مصلحة أنفسهم بقطع النظر عن احترامكم، وهم الذين قال الله فيهم:
( إلا الذين يصلون إلى قوم ) وهذا الاستثناء يرجع إلى القتل لا إلى الموالاة ، لأن موالاة الكفار والمنافقين لا تجوز بحال ، ومعنى ( يصلون ) أي : ينتسبون إليهم ويتصلون بهم ويدخلون فيهم بالحلف والجوار ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يريدون ويلجئون إلى قوم ، ( بينكم وبينهم ميثاق ) أي : عهد ، وهم الأسلميون ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وادع هلال بن عويمر الأسلمي قبل خروجه إلى مكة على أن لا يعينه ولا يعين عليه ، ومن وصل إلى هلال من قومه وغيرهم ولجأ إليه فلهم من الجوار مثل ما لهلال ، . وقال الضحاك عن ابن عباس : أراد بالقوم الذين بينكم وبينهم ميثاق بني بكر بن زيد بن مناة كانوا في الصلح والهدنة ، وقال مقاتل : هم خزاعة .
وقوله : ( أو جاءوكم ) أي : يتصلون بقوم جاءوكم ، ( حصرت صدورهم ) أي : ضاقت صدورهم ، قرأ الحسن ويعقوب " حصرة " ) منصوبة منونة أي : ضيقة صدورهم ، [ يعني القوم الذين جاءوكم وهم بنو مدلج ، كانوا عاهدوا أن لا يقاتلوا المسلمين وعاهدوا قريشا أن لا يقاتلوهم ، حصرت : ضاقت صدورهم ] ، ( أن يقاتلوكم ) أي : عن قتالكم للعهد الذي بينكم ، ( أو يقاتلوا قومهم ) يعني : من أمن منهم ، ويجوز أن يكون معناه أنهم لا يقاتلونكم مع قومهم ولا يقاتلون قومهم معكم ، يعنيقريشا قد ضاقت صدورهم لذلك .
وقال بعضهم : أو بمعنى الواو ، كأنه يقول : إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم ، أي : حصرت صدورهم عن قتالكم والقتال معكم ، وهم قوم هلال الأسلميون وبنو بكر ، نهى الله سبحانه عن قتال هؤلاء المرتدين إذا اتصلوا بأهل عهد للمسلمين ، لأن من انضم إلى قوم ذوي عهد فله حكمهم في حقن الدم .
قوله تعالى : ( ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم ) يذكر منته على المسلمين بكف بأس المعاهدين ، يقول : إن ضيق صدورهم عن قتالكم لما ألقى الله في قلوبهم من الرعب وكفهم عن قتالكم ، ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم مع قومهم ، ( فإن اعتزلوكم ) أي : اعتزلوا قتالكم ، ( فلم يقاتلوكم ) ومن اتصل بهم ، ويقال : يوم فتح مكة يقاتلوكم مع قومهم ، ( وألقوا إليكم السلم ) أي : الصلح فانقادوا واستسلموا ( فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ) أي : طريقا بالقتل والقتال .
(إِلَّا الَّذِينَ) إلا أداة استثناء الذين اسم موصول في محل نصب على الاستثناء من خذوهم وجملة (يَصِلُونَ) صلة الموصول (إِلى قَوْمٍ) متعلقان بالفعل قبلهما (بَيْنَكُمْ) ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر (وَبَيْنَهُمْ) عطف (مِيثاقٌ) مبتدأ مؤخر والجملة في محل صفة لقوم (أَوْ جاؤُكُمْ) فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة على جملة يصلون (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) فعل ماض وفاعل والمصدر المؤول من أن والفعل بعدها في محل جر بحرف الجر أي: عن قتالكم وهما متعلقان بالفعل قبلهما (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) مضارع منصوب وفاعله ومفعوله والمصدر المؤول معطوف أي: عن قتالكم وقتال قومهم وجملة (حَصِرَتْ) في محل نصب حال على تقدير قد قبلها (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ) فعل وفاعل ولو حرف شرط والجملة مستأنفة.
(لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) اللام واقفة في جواب لو وفعل ماض فاعله مستتر تعلق به الجار والمجرور والهاء مفعوله والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم (فَلَقاتَلُوكُمْ) فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة على لسلطهم (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) إن شرطية وفعل ماض في محل جزم فعل الشرط وفاعله ومفعوله.
(فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) مضارع مجزوم بحذف النون وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة.
(وَأَلْقَوْا) عطف على ما قبلها (إِلَيْكُمُ) متعلقان بالفعل (السَّلَمَ) مفعول به (فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا) فعل ماض فاعله مستتر تعلق به الجار والمجرور لكم وهما المفعول الأول وسبيلا المفعول الثاني عليهم متعلقان بمحذوف حال من سبيلا. وما نافية والجملة في محل جزم جواب الشرط.
Traslation and Transliteration:
Illa allatheena yasiloona ila qawmin baynakum wabaynahum meethaqun aw jaookum hasirat sudooruhum an yuqatilookum aw yuqatiloo qawmahum walaw shaa Allahu lasallatahum AAalaykum falaqatalookum faini iAAtazalookum falam yuqatilookum waalqaw ilaykumu alssalama fama jaAAala Allahu lakum AAalayhim sabeelan
Except those who seek refuge with a people between whom and you there is a covenant, or (those who) come unto you because their hearts forbid them to make war on you or make war on their own folk. Had Allah willed He could have given them power over you so that assuredly they would have fought you. So, if they hold aloof from you and wage not war against you and offer you peace, Allah alloweth you no way against them.
Ancak sizinle onların arasında ahitleşme olan bir kavme sığınanlar, yahut sizinle veya kendi kavimleriyle savaşmaya yürekleri dayanmayıp size gelenler, bu hükümden dışarıdır ve Allah dileseydi onları size musallat ederdi de sizinle savaşırlardı. Sizi bırakırlar, sizinle savaşmazlar ve barış teklifinde bulunurlarsa Allah da onların aleyhinde bulunmaya bir yol bırakmamıştır size.
excepté ceux qui se joignent à un groupe avec lequel vous avez conclu une alliance, ou ceux qui viennent chez vous, le cœur serré d'avoir à vous combattre ou à combattre leur propre tribu. Si Allah avait voulu, Il leur aurait donné l'audace (et la force) contre vous, et ils vous auraient certainement combattu. (Par conséquent,) s'ils restent neutres à votre égard et ne vous combattent point, et qu'ils vous offrent la paix, alors, Allah ne vous donne pas de chemin contre eux.
außer denjenigen, die zu Leuten flüchten, mit denen ihr einen Vertrag habt, oder wenn sie zu euch kommen, während sie darüber bekümmert sind, daß sie gegen euch oder gegen ihre Leute kämpfen. Und hätte ALLAH es gewollt, hätte ER sie gegen euch aufgebracht, damit sie euch bekämpfen. Und wenn sie euch meiden, nicht gegen euch kämpfen und euch den Salam anbieten, so hat ALLAH euch gegen sie keine (weitere) Möglichkeit eingeräumt.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النساء (An-Nisaa - The Women) |
ترتيبها |
4 |
عدد آياتها |
176 |
عدد كلماتها |
3712 |
عدد حروفها |
15937 |
معنى اسمها |
(النُّـِسْوَةُ) بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَ(النِّسَاءُ) وَ(النِّسْوَانُ) جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لفْظِهَا |
سبب تسميتها |
كَثْرَةُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ وَمَسَائِلِ الْأُسْرَّةِ وَالْمُجْتَمَعِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النِّسَاءِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِّسَاءِ الكُبْرَى) أَوْ (النِّسَاءِ الطُوْلَى) |
مقاصدها |
تَنْظِيمُ الشُّؤُونِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالعَلَاقَاتِ الْخَارِجِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النِّسَاءِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَحْكَامِ المَوَارِيثِ.
فقَالَ سُبْحَانَهُ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ ...١٧٥﴾... الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النِّسَاءِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (آلِ عِمرَانَ):
اختُتِمَتْ (آلُ عِمْرَانَ) بِالأَمْرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ٢٠٠﴾ ، وَافْتُتِحَتِ (النِّسَاءُ) بِالأَمرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ...١﴾. |