«فأقبلت امراته» سارة «في صرَّة» صيحة حال، أي جاءت صائحة «فصكت وجهها» لطمته «وقالت عجوز عقيم» لم تلد قط وعمرها تسع وتسعون سنة وعمر إبراهيم مائة سنة، أو عمره مائة وعشرون سنة وعمرها تسعون سنة.
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
فالحاصل من هذا أنه من لم يغب عن عبوديته للّه في كل حال ، فقد أدى ما خلق له وكان طائعا وسواء كان مطيعا أو مخالفا ، فإن العبد الآبق لا يخرجه إباقه عن الرق ، وإنما يخرجه عن لوازم العبودية ، من الوقوف بين يدي سيده لامتثال أوامره ومراسمه ، ألا ترى اسم العبودية ينسحب عليه سواء كان مطيعا أو مخالفا .
(52) سورة الطّور مكيّة
------------
(60) الفتوحات ج 3 /
124
وقوله : ( فأقبلت امرأته في صرة ) أي : في صرخة عظيمة ورنة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو صالح ، والضحاك ، وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها : ( يا ويلتا ) ( فصكت وجهها ) أي : ضربت بيدها على جبينها ، قاله مجاهد وابن سابط .
وقال ابن عباس : لطمت ، أي تعجبا كما تتعجب النساء من الأمر الغريب ، ( وقالت عجوز عقيم ) أي : كيف ألد وأنا عجوز [ عقيم ] ، وقد كنت في حال الصبا عقيما لا أحبل ؟ .
قوله تعالى {فأقبلت امرأته في صرة} أي في صيحة وضجة؛ عن ابن عباس وغيره. ومنه أخذ صرير الباب وهو صوته. وقال عكرمة وقتادة : إنها الرنة والتأوه ولم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان. قال الفراء : وإنما هو كقولك أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي. وقيل : أقبلت في صرة أي في جماعة من النساء تسمع كلام الملائكة. قال الجوهري : الصرة الضجة والصيحة، والصرة الجماعة، والصرة الشدة من كرب وغيره، قال امرؤ القيس : فألحقه بالهاديات ودونه ** جواحرها في صرة لم تزيل يحتمل هذا البيت الوجوه الثلاثة. وصرة القيظ شدة حره. فلما سمعت سارة البشارة صكت وجهها؛ أي ضربت يدها على وجهها على عادة النسوان عند التعجب؛ قاله سفيان الثوري وغيره. وقال ابن عباس : صكت وجهها لطمته. وأصل الصك الضرب؛ صكه أي ضربه؛ قال الراجز : يا كروانا صك فاكبأنـَّا قال الأموي : كَبَن الظبي إذا لطأ بالأرض واكبأن انقبض. {وقالت عجوز عقيم} أي أتلد عجوز عقيم. الزجاج : أي قالت أنا عجوز عقيم فكيف ألد كما قالت{يا ويلتا أألد وأنا عجوز} [
هود : 72] {قالوا كذلك} أي كما قلنا لك وأخبرناك {قال ربك} فلا تشكي فيه، وكان بين البشارة والولادة سنة وقد مضى هذا. {إنه هو الحكيم العليم} حكيم فيما يفعله عليم بمصالح خلقه.
فلما سمعت زوجة إبراهيم مقالة هؤلاء الملائكة بالبشارة أقبلت نحوهم في صيحة، فلطمت وجهها تعجبًا من هذا الأمر، وقالت: كيف ألد وأنا عجوز عقيم لا ألد؟
فلما سمعت المرأة البشارة { أقبلت } فرحة مستبشرة { فِي صَرَّةٍ } أي: صيحة { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } وهذا من جنس ما يجري من لنساء عند السرور [ونحوه] من الأقوال والأفعال المخالفة للطبيعة والعادة، { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي: أنى لي الولد، وأنا عجوز، قد بلغت من السن، ما لا تلد معه النساء، ومع ذلك، فأنا عقيم، غير صالح رحمي للولادة أصلاً، فثم مانعان، كل منهما مانع من الولد، وقد ذكرت المانع الثالث في سورة هود بقولها: { وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }
( فأقبلت امرأته في صرة ) أي : صيحة ، قيل : لم يكن ذلك إقبالا من مكان إلى مكان ، وإنما هو كقول القائل : أقبل يشتمني ، بمعنى أخذ في شتمي ، أي أخذت تولول كما قال : " قالت يا ويلتا " ، ( هود - 72 ( فصكت وجهها ) قال ابن عباس : لطمت وجهها . وقال الآخرون : جمعت أصابعها فضربت جبينها تعجبا ، كعادة النساء إذا أنكرن شيئا ، وأصل الصك : ضرب الشيء بالشيء العريض .
( وقالت عجوز عقيم ) مجازه : أتلد عجوز عقيم ؟ وكانت سارة لم تلد قبل ذلك .
(فَأَقْبَلَتِ) حرف عطف وماض (امْرَأَتُهُ) فاعل (فِي صَرَّةٍ) متعلقان بمحذوف حال (فَصَكَّتْ) حرف عطف وماض (وَجْهَها) مفعول به والجملة معطوفة على أقبلت (وَقالَتْ) ماض فاعله مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها (عَجُوزٌ) خبر لمبتدأ محذوف (عَقِيمٌ) صفة عجوز والجملة الاسمية مقول القول
Traslation and Transliteration:
Faaqbalati imraatuhu fee sarratin fasakkat wajhaha waqalat AAajoozun AAaqeemun
Then his wife came forward, making moan, and smote her face, and cried: A barren old woman!
Derken karısı, onlara dönmüştü de bir çığlık atıp eliyle yüzüne vurmuştu ve ben kısır bir kocakarıyım demişti.
Alors sa femme s'avança en criant, se frappa le visage et dit: «Une vieille femme stérile...»
Dann kam seine Frau in lautem Überschwang, schlug sich auf ihr Gesicht und sagte: "Ich bin doch eine unfruchtbare Alte!"
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الذاريات (Az-Zariyat - The Winnowing Winds) |
ترتيبها |
51 |
عدد آياتها |
60 |
عدد كلماتها |
360 |
عدد حروفها |
1510 |
معنى اسمها |
(الذَّارِيَاتُ): الرِّيَاحُ تَذْرُوْ التُّرَابَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ حَتَّى يَتَطَايَرُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الذَّارِيَاتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) |
مقاصدها |
مُعَالَجَةُ إِنْكَارِ عَقِيدَةِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَضَرْبُ الأَمْثِلَةِ عَلَى عُقُوبَةِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
مِنْ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَات، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورتينِ في رَكعةٍ ، (وَالطُّورَ والذَّارِيَاتِ) فِي رَكعةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن الْوَعْدِ بِيَومِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٞ ٥﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوۡمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ ٦٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (ق): السُّوَرَتَانِ مَوْضُوْعُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ إِنْكَارُ الكُفَّارِ لِيَومِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ. |