«ولبيوتهم أبواباً» من فضة «و» جعلنا لهم «سرراً» من فضة جمع سرير «عليها يتكئون».
وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)
(1) إشارة لأبي عبد اللّه المصنف : أتى بلفظ «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ» فكان ظهوره بالهوية فيها ولم يقل «وهو الذي في الأرض إله» فناب عنه الخليفة فيها ، ولو أتى بالهوية ما عبد غير اللّه في الأرض كما لم يعبد في السماء إلا هو .
وهذه شهادة من اللّه في حق المشركين ، فهو تنبيه عجيب ، فما ذكروا قط إلا الألوهية ، وما ذكروا الأشخاص ، ولكن لم يقبل اللّه منهم العذر بل قال «فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» .
------------
(87) الفتوحات ج 3 /
310 - ج 2 /
591
( ولبيوتهم أبوابا ) أي : أغلاقا على أبوابهم ( وسررا عليها يتكئون ) ، أي : جميع ذلك يكون فضة ،
قوله تعالى: {ولبيوتهم أبوابا وسررا} {ولبيوتهم أبوابا} أي ولجعلنا لبيوتهم. وقيل: {لبيوتهم} بدل اشتمال من قوله: {لمن يكفر بالرحمن}. {أبوابا} أي من فضة. {وسررا} كذلك؛ وهو جمع السرير. وقيل : جمع الأسرة، والأسرة جمع السرير؛ فيكون جمع الجمع. {عليها يتكئون} الاتكاء والتوكؤ : التحامل على الشيء؛ ومنه، {أتوكأ عليها}. ورجل تُكَأة؛ مثال هُمَزة؛ كثير الاتكاء. والتُّكأة أيضا : ما يتكأ عليه. واتكأ على الشيء فهو متكئ؛ والموضع متكأ. وطعنه حتى أتكأه (على أفعله) أي ألقاه على هيئة المتكئ. وتوكأت على العصا. وأصل التاء في جميع ذلك واو، ففعل به ما فعل باتزن واتعد. {وزخرفا} الزخرف هنا الذهب؛ عن ابن عباس وغيره. نظيره {أو يكون لك بيت من زخرف} [
الإسراء : 93] وقد تقدم. وقال ابن زيد : هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث. وقال الحسن : النقوش؛ وأصله الزينة. يقال : زخرفت الدار؛ أي زينتها. وتزخرف فلان؛ أي تزين. وانتصب {زخرفا} على معنى وجعلنا لهم مع ذلك زخرفا. وقيل : بنزع الخافض؛ والمعنى فجعلنا لهم سقفا وأبوابا وسررا من فضة ومن ذهب؛ فلما حذف {من} قال: {وزخرفا} فنصب. {وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا} قرأ عاصم وحمزة وهشام عن ابن عامر {وإنَّ كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا} بالتشديد. الباقون بالتخفيف؛ وقد ذكر هذا. وروي عن أبي رجاء كسر اللام من {لما}؛ فـ {ما}عنده بمنزلة الذي، والعائد عليها محذوف؛ والتقدير : وإن كل ذلك للذي هو متاع الحياة الدنيا، وحذف الضمير ها هنا كحذفه في قراءة من قرأ {مثلا ما بعوضة فما فوقها}[
البقرة : 26] و{تماما على الذي أحسن} [
الأنعام : 154]. أبو الفتح : ينبغي أن يكون {كل} على هذه القراءة منصوبة؛ لأن {إن} مخففة من الثقيلة، وهي إذا خففت وبطل عملها لزمتها اللام في آخر الكلام للفرق بينها وبين {إن} النافية التي بمعنى ما؛ نحو إن زيد لقائم، ولا لام هنا سوى الجارة. {والآخرة عند ربك للمتقين} يريد الجنة لمن اتقى وخاف. وقال كعب : إني لأجد في بعض كتب الله المنزلة : لولا أن يحزن عبدي المؤمن لكللت رأس عبدي الكافر بالإكليل، ولا يتصدع ولا ينبض منه عرق بوجع. وفي صحيح الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر]. وعن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء). وفي الباب عن أبي هريرة، وقال : حديث حسن غريب. وأنشدوا : فلو كانت الدنيا جزاء لمحسن ** إذاً لم يكن فيها معاش لظالم لـقد جاع فيها الأنبياء كرامة ** وقد شبعت فيها بطون البهائم وقال آخر : تمتع من الأيام إن كنــت حازما ** فإنك فيها بين ناه وآمـر إذا أبقت الدنيا على المرء دينـه ** فما فاته منها فليس بضائر فلا تزن الدنيا جناح بــعوضة ** ولا وزن رَقّ من جناح لطائر فلم يرض بالدنيا ثوابا لمحسن ** ولا رضي الدنيا عقابا لكافــر
وجعلنا لبيوتهم أبوابًا من فضة، وجعلنا لهم سررًا عليها يتكئون، وجعلنا لهم ذهبًا، وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، وهو متاع قليل زائل، ونعيم الآخرة مدَّخر عند ربك للمتقين ليس لغيرهم.
ولجعل لهم { زخرفا } أي: لزخرف لهم دنياهم بأنواع الزخارف، وأعطاهم ما يشتهون، ولكن منعه من ذلك رحمته بعباده خوفا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي بسبب حب الدنيا، ففي هذا دليل على أنه يمنع العباد بعض أمور الدنيا منعا عاما أو خاصا لمصالحهم، وأن الدنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة، وأن كل هذه المذكورات متاع الحياة الدنيا، منغصة، مكدرة، فانية، وأن الآخرة عند اللّه تعالى خير للمتقين لربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لأن نعيمها تام كامل من كل وجه، وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون، فما أشد الفرق بين الدارين".
( ولبيوتهم أبوابا ) من فضة ( وسررا ) أي : وجعلنا لهم سررا من فضة ( عليها يتكئون ) .
(وَلِبُيُوتِهِمْ) جار ومجرور معطوفان على ما قبلهما (أَبْواباً) معطوف على سقفا (وَسُرُراً) معطوف على ما سبق (عَلَيْها) متعلقان بما بعدهما (يَتَّكِؤُنَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صفة سررا.
Traslation and Transliteration:
Walibuyootihim abwaban wasururan AAalayha yattakioona
And for their houses doors (of silver) and couches of silver whereon to recline,
Ve evlerinin kapılarını ve üstüne oturup yaslandıkları tahtları gümüşten yapardık.
(Nous aurions pourvu) leurs maisons de portes et de divans où ils s'accouderaient,
sowie für ihre Häuser Tore und Liegen, auf denen sie sich anlehnen,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الزخرف (Az-Zukhruf - The Ornaments of Gold) |
ترتيبها |
43 |
عدد آياتها |
89 |
عدد كلماتها |
837 |
عدد حروفها |
3508 |
معنى اسمها |
الزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ زِينَةٍ زُخْرُفًا، وَالمُرَادُ بِـ(الزُّخْرُفِ): زَخْرَفَةُ الْبَيْتِ وَزِيْنَتُهُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمَعْنَى (الزُّخْرُفِ)(1)، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الزُّخْرُفْ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الزُّخْرُف) |
مقاصدها |
بَيَانُ حَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا الزَّائِلِ مُقَارَنَةً بِمَا أَعَدَّهُ اللهُ مِنْ نَعِيْمِ الآخِرَةِ لِلمُتَّقِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَا يُوجَدُ سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ الصَّفْحِ عَنِ الْكُفَارِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ ٥﴾، وَقالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ ٨٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الشُّورَى): خُتِمَتِ (الشُّورَى) بِذِكْرِ الْكِتَابِ الْكَرِيمِ؛ فَقَالَ: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ ...٥٢﴾، وَفُتِحَتِ (الزُّخْرُفُ) بِذِكْرِهِ، فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ٢ إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ٣﴾. |