«لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن» ما «هذا إلا أساطير الأولين» جمع أسطورة بالضم أي ما سطر من الكذب.
وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)
اعلم أن التالي إنما سمي تاليا لتتابع الكلام بعضه بعضا ، وتتابعه يقضي عليه بحرف الغاية ، وهما من وإلى ، فينزل من كذا إلى كذا ، ولما كان القلب من العالم الأعلى قال تعالى فيه (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) وكان اللسان من العالم الأنزل ، والحرف من عالم اللسان ،
ففصل اللسان الآيات وتلا بعضها بعضا ، فيسمى الإنسان تاليا من حيث لسانه ، فإنه المفصل لما أنزل مجملا .
------------
(92) الفتوحات ج 3 /
94
ثم قال : ( لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل ) أي : ما زلنا نسمع بهذا نحن وآباؤنا ، ولا نرى له حقيقة ولا وقوعا .
وقولهم : ( إن هذا إلا أساطير الأولين ) : يعنون : ما هذا الوعد بإعادة الأبدان ، ( إلا أساطير الأولين ) أي : أخذه قوم عمن قبلهم ، من قبلهم يتلقاه بعض عن بعض ، وليس له حقيقة .
قوله تعالى: {وقال الذين كفروا} يعني مشركي مكة. {إذا كنا ترابا وآباؤنا آينا لمخرجون}هكذا يقرأ نافع هنا وفي سورة : [العنكبوت]. وقرأ أبو عمرو باستفهامين إلا أنه خفف الهمزة. وقرأ عاصم وحمزة أيضا باستفهامين إلا أنهما حققا الهمزتين، وكل ما ذكرناه في السورتين جميعا واحد. وقرأ الكسائي وابن عامر ورويس ويعقوب {أئذا} بمهزتين {إننا} بنونين على الخبر في هذه السورة؛ وفي سورة : [العنكبوت] باستفهامين؛ قال أبو جعفر النحاس : القراءة {إذا كنا ترابا وآباؤنا آينا لمخرجون}موافقة للخط حسنة، وقد عارض فيها أبو حاتم فقال وهذا معنى كلامه {إذا} ليس باستفهام و{آينا} استفهام وفيه {إن} فكيف يجوز أن يعمل ما في حيز الاستفهام فيما قبله؟ ! وكيف يجوز أن يعمل ما بعد {إن} فيما قبلها؟! وكيف يجوز غدا إن زيدا خارج؟ ! فإذا كان فيه استفهام كان أبعد، وهذا إذا سئل عنه كان مشكلا لما ذكره. وقال أبو جعفر : وسمعت محمد بن الوليد يقول : سألنا أبا العباس عن آية من القرآن صعبة مشكلة، وهي قول الله {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد} سبأ 7 فقال : إن عمل في {إذا} {ينبئكم} كان محالا؛ لأنه لا ينبئهم ذلك الوقت، وإن عمل فيه ما بعد {إن} كان المعنى صحيحا وكان خطأ في العربية أن يعمل ما قبل {إن} فيما بعدها؛ وهذا سؤال بين رأيت أن يذكر في السورة التي هو فيها؛ فأما أبو عبيد فمال إلى قراءة نافع ورد على من جمع بين استفهامين، واستدل بقوله {أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} آل عمران 144 وبقوله {أفإن مت فهم الخالدون} الأنبياء 34 وهذا الرد على أبي عمرو وعاصم وحمزة وطلحة والأعرج لا يلزم منه شيء، ولا يشبه ما جاء به من الآية شيئا؛ والفرق بينهما أن الشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد؛ ومعنى {أفإن مت فهم الخالدون} الأنبياء 34 أفإن مت خلدوا. ونظير هذا : أزيد منطلق، ولا يقال : أزيد أمنطلق؛ لأنها بمنزلة شيء واحد وليس كذلك الآية؛ لأن الثاني جملة قائمة بنفسها فيصلح فيها الاستفهام، والأول كلام يصلح فيه الاستفهام؛ فأما من حذف الاستفهام من الثاني وأثبته في الأول فقرأ {أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا} فحذفه من الثاني؛ لأن في الكلام دليلا عليه بمعنى الإنكار. قوله تعالى: {لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين} تقدم في سورة المؤمنون. وكانت الأنبياء يقربون أمر البعث مبالغة في التحذير؛ وكل ما هو آت فقريب
لقد وُعدنا هذا البعث نحن وآباؤنا مِن قبل، فلم نر لذلك حقيقة ولم نؤمن به، ما هذا الوعد إلا مما سطَّره الأولون من الأكاذيب في كتبهم وافتروه.
{ لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا } أي: البعث { نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ } أي: فلم يجئنا ولا رأينا منه شيئا. { إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } أي: قصصهم وأخبارهم التي تقطع بها الأوقات وليس لها أصل ولا صدق فيها.
فانتقل في الإخبار عن أحوال المكذبين بالإخبار أنهم لا يدرون متى وقت الآخرة ثم الإخبار بضعف علمهم فيها ثم الإخبار بأنه شك ثم الإخبار بأنه عمى ثم الإخبار بإنكارهم لذلك واستبعادهم وقوعه. أي: وبسبب هذه الأحوال ترحل خوف الآخرة من قلوبهم فأقدموا على معاصي الله وسهل عليهم تكذيب الحق والتصديق بالباطل واستحلوا الشهوات على القيام بالعبادات فخسروا دنياهم وأخراهم.
( لقد وعدنا هذا ) أي : هذا البعث ، ( نحن وآباؤنا من قبل ) أي : من قبل محمد ، وليس ذلك بشيء ( إن هذا ) ما هذا ، ( إلا أساطير الأولين ) أحاديثهم وأكاذيبهم التي كتبوها .
(لَقَدْ وُعِدْنا) اللام واقعة في جواب قسم محذوف وقد حرف تحقيق وماض مبني للمجهول (نا) نائب فاعله (هذا) مفعول به والجملة جواب قسم مقدر لا محل لها.
(نَحْنُ) توكيد لنا (وَآباؤُنا) الواو حرف عطف وآباؤنا معطوف على نا (مِنْ قَبْلُ) متعلقان بوعدنا.
(إِنْ) حرف نفي (هذا) اسم الإشارة مبتدأ (إِلَّا) حرف حصر (أَساطِيرُ) خبر مضاف إلى الأولين (الْأَوَّلِينَ) مضاف إليه.
Traslation and Transliteration:
Laqad wuAAidna hatha nahnu waabaona min qablu in hatha illa asateeru alawwaleena
We were promised this, forsooth, we and our fathers. (All) this is naught but fables of the men of old.
Andolsun ki bu, bize de vaadedilmiştir, daha önce atalarımıza da vaadedilmişti; fakat bu, gelip geçenlere ait bir masal ancak.
Certes, on nous l'a promis à nous et à nos pères, auparavant. Ce ne sont que des contes d'anciens!»
Gewiß, bereits wurde uns dies angedroht sowie unseren Ahnen vorher. Dies ist nichts anderes außer Legenden der Früheren."
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النمل (An-Naml - The Ant) |
ترتيبها |
27 |
عدد آياتها |
93 |
عدد كلماتها |
1165 |
عدد حروفها |
4679 |
معنى اسمها |
(النَّمْلُ): الْحَشَرَةُ المَعْرُوفَةُ، وَالْوَاحِدَةُ (نَمْلَةٌ) |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذكر قِصَّةِ النَّمْلَةِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّمْلِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (الهُدْهُدِ)، وَسُورَةَ (سُلَيمَانَ عليه السلام)، وَسُورَةَ: ﴿طسٓۚ﴾ |
مقاصدها |
ذِكْرُ نِعْمَةِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ كُلُّ نَبِيٍّ مِن مُعْجِزَاتٍ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُذكَرْ لَهَا سَبَبُ نُزُولٍ وَلا لِبَعضِ آياتِهَا |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَوْ أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّمل) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُهِمَّةِ النَّبِيِّ ﷺ فِي تَبْلِيغِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ٦﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ ...٩٢﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّمْلِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الشُّعَرَاءِ): خُتِمَتِ (الشُّعَراءُ) بِصِفَاتِ المُؤمِنِيْن؛ فَقَالَ: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا ...٢٢٧﴾، وافْتُتِحَتِ (النَّمْلُ) بِصِفَاتِهِمْ؛ فقال: ﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٣﴾. |